"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان يسير على جمل له قد أعيا" يعني تعب وكل عن السير، فتخلف عن القوم، فأراد أن يسيبه، أراد أن يتركه؛ لأن مثل هذا الجمل بدلاً من أن يستفاد منه الراحة بركوبه ولحوق القوم صار يعوقه عن لحوق القوم، وهو بدونه أفضل، أراد أن يسيبه، فما الذي حصل؟ قال: "فلحقني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي" دعا له لشخصه، وضربه، ضرب الجمل، فسار سيراً لم يسر مثله، فقال: ((بعنيه بأوقية)) بعد أن ضربه فسار سيراً لم يسر مثله، وهذا هو النصح وإلا بإمكانه أن يقول: بعنيه قبل ضربه؛ ليكون الثمن أقل، يعني لو ما أراد أن يسيبه، لو قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: "بعنيه بربع أوقية" باعه، لكن ماذا صنع المصطفى -عليه الصلاة والسلام- الناصح؟ وهذا تشريع لأمته -عليه الصلاة والسلام-، ومبالغة في النصح ضربه فسار سيراً لم يسر مثله، فقال: ((بعنيه بأوقية)) قلت: لا" يعني يستحق أكثر، "ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بأوقية" أن تعرض السلعة يعرضها صاحبها كالسيارة مثلاً، وفيها علة وصاحبها لا يعرف ما هذه العلة، يتمنى أن يتخلص منها بأقل الأسعار، فيأتي صاحب الخبرة ويقول: بعنيها بكم بعشرة آلاف نصيبك، هذه السيارة أتعبتنا وكذا، المشتري يعرف أن المسألة والعلة هذه مجرد سلك منفصل، أليس من النصح وتطبيق هذا الحديث أن يشبك السلك وتمشي السيارة وتسيراً سيراً حسناً ثم يشتريها بعد ذلك؟ أو يشتريها قبل ربط السلك؟ يشتريها بعد ربط السلك هذا تمام النصح، وهذا تطبيق هذا الحديث، بعض الناس حتى من طلبة العلم يأتي إلى مكتبة واحد من زملائه فيجد كتاب من أنفس الكتب، لكن ناقص مجلد والمجلد هذا عنده، عند هذا الأخ الداخل، ما تبيع عليه الكتاب الناقص المخروم بدلاً من أن يقول: بألف خذه بمائتين بثلاث مائة، لكن لو قال: هذا الكتاب يكمل نسختك فلما كمُلت قال: بعنيها تمام النصح هنا، لكن هل يلزم هذا النصح لا يلزم؟ لكن ينبغي أن يفعله الناس المسلمون اقتداء بنبيهم -عليه الصلاة والسلام-، الآن الذي يفعله كثير من الناس ضد هذا تماماً، يأتي صاحب السيارة التي فيها علة لا يعرفها هو إلى صاحب الورشة، ثم يفحصها ويتبين له أن المسألة سلك،