النحر في الحديبية هل كان في الحل أو في الحرم؟ يعني حتى يبلغ الهدي محله، الحل وإلا الحرم؟ نعم، الحنفية يرون أن محله الحرم، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما نحر في الحرم؛ لكن ظاهر قوله -جل وعلا-: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [(25) سورة الفتح] يعني ممنوع من أن يبلغ محله، ظاهره أنه نحر في الحل، ولا شك أنه لو كلف المحصر بأن ينحر في الحرم لشق عليه، هو بنفسه ما يتيسر له يروح إلى الحرم فضلاً عن الهدي، ولذا الجمهور على أن المحصر له أن يذبح هديه حيث يحل في حل أو حرم؛ لكن إن كان يستطيع أن يبعث به إلى الحرم، وهذا قول وسط لبعض العلماء فيبعثه إلى الحرم، وإن لم يستطع فيذبحه حيث أحصر.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب -رضي الله عنها- فقالت: يا رسول الله إن أريد الحج، وأنا شاكية، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني)) [متفق عليه].
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل عليها فقالت: "يا رسول الله إن أريد الحج، وأنا شاكية" يعني مريضة، وتخشى أن يزداد المرض فلا تتمكن من أداء الحج الذي أرادته، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني)) هذا الاشتراط، أولاً: هذا الحديث خرجه الإمام البخاري في أي كتاب؟ في كتاب النكاح، ما خرجه لا في كتاب الحج، ولا في كتاب الإحصار في كتاب النكاح؛ لأن ضباعة هذه كانت تحت المقداد، باب الأكفاء في الدين، المقداد مولى وهي قرشية، بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا جزم بعض المحققين، الذين يحققون الكتب أن الحديث لا يوجد في البخاري، ما خرجه البخاري، أين سيذهب به البخاري إذا ما وجد في كتاب الحج بكامله؟ تقول: أريد الحج وأنا شاكية، والبخاري ما خرجه في الحج، إنما خرجه في النكاح.