يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قد أحصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" حصره العدو، لما أراد أن يعتمر في السنة السادسة في الحديبية حصره العدو، الحديبية قريبة على الحد بين الحل والحرم، ويسمونها الآن هي قريبة من إيش؟ من إي شيء؟ ما في مكان يقال له: الشميسي، نعم قريبة من الشميسي، فحلق رأسه لما قال لأصحابه: تحللوا ترددوا، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأسف لأنهم ترددوا في قبول أمره -عليه الصلاة والسلام-، فأشارت إليه أم سلمة أن يحلق شعره، لما حلق شعره عرفوا أن المسألة جد، فهم ترددوا في قبول الأمر في بداية الأمر، لماذا؟ رجاء أن يتم لهم ما أرادوا من العمرة، فلما حلق رأسه -عليه الصلاة والسلام-، ونحر هديه انتهى، وبهذا يتبين أن الاقتداء بالفعل أقوى من الاقتداء بالقول، ولذ إذا أراد المسئول أن يمتثل أمره يكون قدوة، لا يخالف هو هذا الأمر، ثم يطلب من الناس أن يقتدوا به، بل عليه أن يبادر، إذا طلب من الناس أن يتبرعوا، إذا طلب من الناس أن يبذلوا في العمل، وأن يحتسبوا، ويصبروا لا بد أن يكون قدوة، يكون أول من يحضر هو؛ لأن بعض الناس عنده استعداد يحزم غيره؛ لكن ما يحزم نفسه، هذا ما يطاع أمره، فإذا كان قدوة أول من يحضر هو، ما رأوا عنده شيء من التساهل، جاد في عمله، اقتدى، استطاع أن يحزم الناس، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- حلق شعر رأسه، ونحر هديه، فكادوا أن يقتتلوا على الحلق، اقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، حلق رأسه، وجامع نساءه، ونحر هديه، ثم بعد ذلك اعتمر عاماً قابلاً، وعمرة الحديبية حسبت من عمره -عليه الصلاة والسلام-، اعتمر عاماً قابلاً، هل هي قضاء لهذه العمرة، أو عمرة مستقلة منشأة جديدة؟ يسمونها عمرة القضاء؛ لكن لو احتاجت هذه العمرة إلى قضاء تحسب عمرة؟ العمرة الأولى التي حبسوا عنها حسبت وإلا ما حسبت؟ حسبت من عمره -عليه الصلاة والسلام-، ونزل فيها سورة الفتح، نعم، فهل عمرة القضاء لأن العمرة الأولى لاغية لم تحسب، أو هي عمرة ثانية حسبت له -عليه الصلاة والسلام-، ولمن معه؟ هي عمرة ثانية، ما الذي يدعونا إلى مثل هذا الكلام؟ إلى أن المحصر هل يلزمه أن يأتي ببدل