نعم مثل هذه الأمور التي يفعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- من الوقوف بمكان معين، أو النزول به، أو المبيت به تختلف وتتباين الأنظار في أنه -عليه الصلاة والسلام- تعبد بقصد هذا الموضع أو أنه حصل اتفاقاً؛ لأنه على طريقه، أو لأنه أرفق به، ولكل وجه، وابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- يقصد المواضع التي نزلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويبالغ في ذلك، حتى ذكر عنه أنه يكفكف دابته لتقع أخفافها على مواطئ أخفاف دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن ما وافقه أحد على هذا، النزول بالمحصب، والصلاة فيه، الظهر والعصر والمغرب والعشاء، صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة في المحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به، هل هذا مقصود؟ منهم من يرى أنه مقصود، لا سيما إذا قلنا: أن المحصب وهو الأبطح، وهو المحل الذي تقاسمت به قريش على قطيعة بني هاشم، وكتبوا فيه الصحيفة الجائرة، فيمكث فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- إغاظة لهم، هكذا قال بعضهم، وإذا كان هذا الأمر ملحوظاً فما يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا القصد تفعله أمته، فيكون المكث فيه هذه المدة سنة؛ لكن ماذا فهمت عائشة؟ عائشة -رضي الله تعالى عنها- لم تكن تفعل ذلك، وهو النزول بالأبطح، وتقول: إنما نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان منزلاً أسمح لخروجه، طيب المدة التي مكثها وصلى فيها أربع صلوات؟ قد تقول: هو بحاجة إلى هذه الراحة، مثل نومه بذي طوى، هو محتاج إلى الراحة بعد السفر، هو محتاج إلى الراحة بالأبطح من أجل عناء الحج، ومناسك الحج، يرتاح قبل أن ينتقل إذا كانت الحاجة هي الداعي لذلك فلا يقال: بسنيته؛ لكن ماذا عن النزول بالأبطح؟ تقول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: إنما نزله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان منزلاً أسمح لخروجه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يريد الرجوع إلى المدينة، والطريق إلى المدينة غير الطريق إلى نجد، فهل نقول لأهل نجد: اذهبوا مع الطريق الذي ذهب معه النبي -عليه الصلاة والسلام- ومكث فيه، ثم بعد ذلك انتقلوا إلى طريقكم؟ عائشة ترى أنه لا يلزم هذا، ولا يتعبد بمثل هذا، كونه -عليه الصلاة والسلام- يبيت بذي طوى، ذو طوى على