مناسب جداً أن يردف الكلام السابق والأحاديث السابقة بمثل هذا؛ لئلا يرد على بعض القلوب أن الحجر ينفع، للعناية به والاحتفاء به فالنصوص الصحيحة الصريحة قد يقول قائل إنه ينفع ولولا أنه ينفع ما أمرنا بتقبيله ولا مسحه ولا، أردفه بقول عمر -رضي الله تعالى عنه- بعد أن قبل الحجر:
إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع: فالنافع والضار هو الله -جل وعلا- لا غيره، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك: هذا اقتداء وائتساء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- هذه أمور شرعية يقتدى بها، لكن حق الله -جل وعلا- لا بد من العناية به والتنبيه عليه، وهذا من احتياطه -رضي الله تعالى عنه- واهتمامه بحماية التوحيد وسده الذرائع الموصلة للشرك.
يذكرون عن علي -رضي الله عنه- أنه لما قال عمر هذا الكلام قال فيما يرويه الأزرقي: "بلى يا أمير المؤمنين هو يضر وينفع" وهذا لا يصح ولا يثبت عن علي، ولا يمكن أن يقول علي -رضي الله عنه- الإمام الموحد مثل هذا الكلام؛ الذي نشأ على التوحيد وما سجد لغير الله -جل وعلا- يمكن أن يقول بلى يضر وينفع ليس بصحيح، بل هذا من وضع من أشربوا عبادة غير الله -جل وعلا- من الأحجار وغيرها، كما قال أمير المؤمنين وهو في الصحيحين: "لا تضر ولا تنفع" هذا أمر معلوم من الدين بالضرورة أن النافع والضار هو الله -جل وعلا- لا أحد يضر، ولو أن الأمة اجتمعت لنفع أحد لم يرد الله -جل وعلا- نفعه ما نفعوه بشيء، وبالمقابل لو اجتمعوا على ضره ما ضروه كما جاء في الحديث القدسي.
وعن أبي الطفيل -رضي الله عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن" [رواه مسلم].
يقول: وعن أبي الطفيل: اسمه عامر بن واثلة آخر الصحابة موتاً على الإطلاق .. متى مات؟
سنة عشر ومائة، على رأس مائة سنة من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة)) -يعني من مقاله إلى وفاة أبي الطفيل، هذا المرجح عند أهل العلم، ومنهم من يقول مات على رأس المائة- المقصود أنه آخر الصحابة موتاً -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-.