النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بذي الحليفة خمسة أوقات، وبعض الناس يتصور هذا في زمن الذي يعيشون فيه الآن زمن السرعة والعجلة وزمن يسمونه زمن الاتصالات والتقارب، بإمكانه الخمسة الأوقات يؤدي النسك ويرجع، لكن هناك فوائد تترتب على مثل هذا التريث وهذا التأني؛ لأن وجوده -عليه الصلاة والسلام- في ذي الحليفة مثل وجوده في المدينة، هو القدوة والأسوة هنا وهناك، وأفعاله شرع -عليه الصلاة والسلام- يمكن بعض الناس نسي حاجة ضرورية في المدينة بإمكانه أن يرجع ويأخذ أو يوصي أو يفعل ما يشاء، فهذه العجلة التي توجد الآن بين الناس ما لها مبرر، يعني هم مستعجلون على أي شيء على أيش؟
نعم جاء في السفر وأنه قطعة من العذاب، ويمنع الإنسان نومه وراحته، لكن يبقى أن العجلة التي يستعملها الناس!! بعض الناس يحتاج إلى راحة ولا يرتاح، يحتاج إلى راحة ويعرض نفسه للخطر ويقول لا زمن السرعة حتى توطن الناس على هذا وتربوا بحيث لو وجد أدنى عائق لهم ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت، تجد كثيراً من الناس إذا أراد أن يلف يمين -والأصل أن اليمين ما يحتاج إلى انتظار- وجد أمامه سيارة ضاقت به الدنيا كأن القيامة قامت، والسبب هو هذه السرعة المتلاحقة التي تربى الناس عليها، أعمر وقتك بطاعة الله واذكر الله وسبح بهذه المدة ولا يفوتك شيئاً، لكن الناس تربوا على هذا، وإذا ركب السيارة كأن وراءه سبع أو عدو أو حريق أو شيئاً من هذا، ثم إذا وصل إلى المكان الذي يريد لا شيء، والله المستعان يبيت بذي طوى حتى يصبح ويغتسل والدنيا ملحوق عليها، يؤدي العبادة براحة وطمأنينة بعد أن أخذ ما يكفيه من الراحة، ليس معنى هذا أن الإنسان يضيع وقته بنوم وروحات وجيات ويجعل الطريق أيام من أجل أيش؟ لا هذا ولا ذاك؛ المسألة تحتاج إلى توسط، لا عجلة تشبه عجلة المجانين ولا أيضاً تريث يضيع الأوقات بدون فائدة، أقصد من هذا أن الإنسان يلزم الهدوء والطمأنينة والرفق في أموره كلها، ويتوسط أيضاً في أموره كلها، يصبح ويغتسل.