ركب حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا وكبر وهلل، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلاً ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر" [رواه مسلم مطولاً].
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب صفة الحج ودخول مكة: وذكر فيه أحاديث منها ومن أشملها حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو حديث جليل عظيم عني به أهل العلم وصنفوا في شرحه المؤلفات، واستنبطوا منه الفوائد، وهو بمجموعه وبرواياته منسك متكامل لنسك صحيح كامل.
يقول: وعن جابر-رضي الله تعالى عنهما-: جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حج: يعني أذن بالحج وأمر بتبليغ الناس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عازم على الحج، فاجتمع بالمدينة خلق كثير؛ كلهم يريد أن يأتم ويقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ليؤدي هذه الفريضة العظيمة والركن من أركان الإسلام على مراد الله -جل وعلا- على وجه مرض لله تعالى.
فخرجنا معه: يعني من كان من أهل المدينة ومن وفد إليها من الأطراف.
حتى أتينا ذا الحليفة: الميقات، فولدت أسماء بنت عميس: زوجة أبي بكر الصديق، وكانت قبله تحت جعفر بن أبي طالب، وبعد أبي بكر تزوجها علي بن أبي طالب.
فولدت أسماء بن عميس، خرجوا من المدينة مسافة قصيرة ويسيرة، فولدت هذه المرأة، والذي يغلب على الظن أن مقدمات الولادة بدأت قبل خروجها من بيتها، ومع ذلك حرصها وهي تمثل النساء في زمنه -عليه الصلاة والسلام- بحرصها على دينها وعلى الاقتداء والائتساء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- خرجت وهي في الطلق، والناس اليوم يسوفون ويتعللون ويعتذرون، تقول للواحد أو للواحدة: حج هذا العام ما تدري ما يعرض لك، ومع ذلك يقول -مثل ما ذكرنا سابقاً-: تسليم البحث في أول يوم من الدارسة، هذه امرأة في الطلق تخرج عشرة كيلو ثم تلد.