كل إنسان سوي لا يحتمل المبالغة في تعظيمه، لكنه لما كان الدافع إلى ذلك التعظيم يخجل الإنسان أن يرد مثل هذا، وهذا في المسائل التي لا دليل فيها، أراد أن ينهى عنها لما فيها من المبالغة في تعظيمه -عليه الصلاة والسلام- ولم يأت إليه ما يقتضي التحريم، فلما قيل له إنكم تقولون كذا وكذا جاء الخبر بتحريمها فحرم وجزم بالتحريم، فأراد أن ينهى عنها لما فيها من المبالغة.
وبعض الناس لا يحتمل بعض أنواع التقدير والاحترام الذي يقدم عليه، لا سيما من الكبار، فيتمنى أن يكف هذا عن مثل هذا، إلا أنه يخجل يعني ما فيه مبرر أن يمنعه، وإن كانت المسألة نفسية.
لما جاء الخبر أو جاء الوحي بتحريم هذا اللفظ ما تردد في تحريمه -عليه الصلاة والسلام-.
فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((إلا الإذخر)): فالبيت معظم والحرم محترم فلا يجوز انتهاكه بحال من الأحوال.
من أفسد واعتصم به ولم يخرج أو بغى على الإمام وخرج عليه، الجمهور على أنه يقاتل؛ لأنه مستحق للقتل، ولا حرمة له، وإن ضيق عليه حتى يخرج كما يقول بعض أهل العلم، ففيه أيضاً تحصيل لمصلحة تعظيم البيت، وتحصيل لمصلحة قمع مثل هذا، أما إلا إذا كان هناك من يمده بالمؤونة بحيث يبقى أطول مدة ويسري فساده ويعرض فساده، مثل هذا يبادر والله المستعان.
في قوله -عليه الصلاة والسلام: ((سلط عليها رسوله .. )) ((أحلت له)) مع ما يعرف من أنه -عليه الصلاة والسلام- دخل وعليه المغفر، هو دخل من جهة وخالد من جهة، وحصل قتل يستدل بها الجمهور على أن فتح مكة كان عنوة، والشافعي -رحمه الله- يرى أنها فتحت صلحاً ويستدل ويؤيد كلامه بأنها لم تقسم بين الغانمين، والجمهور على أنها فتحت عنوة، والأدلة على ذلك ظاهرة، وكونها لم تقسم تكون مما منَّ به النبي -عليه الصلاة والسلام- على أهل هذا البيت من أقاربه وعشيرته وغيرهم منَّ بذلك كما منَّ عليهم بذواتهم، وأنهم طلقاء منَّ عليهم بممتلكاته كما فعل في غنائم حنين قسمها ثم أعادها.