((ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد)): الضالة، اللقطة لا تحل إلا لمنشد لمن يعرفها أبد الدهر، بحيث لا يتملكها بعد التعريف، بخلاف اللقطة في غير مكة، تعرف سنة ثم تملك.
((ومن قتل له قتيل فهو -أي ولي الدم- بخير النظرين)): بخير النظرين، يعني له الخيار، له الخيار، إما أن يفدي القتيل ويدفع الدية إذا اختار ذلك ولي الدم، وإما أن يقيد من نفسه فيقتل به، يعني مع الكفاءة وتوافر الشروط وطلب ولي الدم، وكأن في هذا إشارة إلى أن القصاص يجوز في مكة؛ لأنه سيق مع تحريم مكة، وأنها محرمة أبد الآباد إلا في هذه الساعة التي أبيحت وأحلت للنبي -عليه الصلاة والسلام-.
فقال: العباس: ابن عبد المطلب عم النبي -عليه الصلاة والسلام-: "إلا الإذخر يا رسول الله": هو عم النبي -عليه الصلاة والسلام- وجاء في الحديث الصحيح بشأنه أن عم الرجل صنو أبيه، لكن هل لهذه القرابة أثر في تقرير حكم شرعي؟
قال العباس: إلا الإذخر: يعني لو قاله شخص من أبعد الناس قال: إلا الإذخر يا رسول الله، فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا، هل يتأثر الحكم، يعني قال: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إلا الإذخر)) يعني لو تصورنا أن شخصاً من أبعد الناس، من أطرف القبائل، فقال: يا رسول الله، إلا الإذخر فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا، يتصور أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لا؟ وهل إجابة الطلب والاستثناء نزولاً على رغبة العباس برأيه -عليه الصلاة والسلام- مراعاة لخاطر عمه أو بوحي من الله -جل وعلا-؟ أو باجتهاد أقر عليه -عليه الصلاة والسلام-؟؟ ليست مجاملة أبداً، يسمى عند أهل العلم الاستثناء التلقيني، لكن الوحي نزل بالاستثناء؛ نظراً للحاجة الداعية إليه.