((ومن كان دون ذلك)) دون المواقيت بالنسبة لمكة، يعني سكنه بين مكة والميقات، ((ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ)) فمن حيث أنشأ سواء كان سكنه دون الميقات، أو ذهب إلى هذا المكان من غير نية للنسك ثم طرأت عليه النية، حينئذ يحرم من حيث أنشأ، ((حتى أهل مكة من مكة)) يعني حتى أهل مكة يحرمون من مكة، من داخلها، وعموم اللفظ يشمل النسكين الحج والعمرة، حتى أهل مكة من مكة يحرمون من مكة بالعمرة والحج، فعموم الخبر يشمل النسكين الحج والعمرة، ونقل الإجماع، المحب الطبري وغيره نقلوا الإجماع على أن المكي إذا أراد العمرة يلزمه أن يخرج إلى الحل، ولا يحرم من داخل مكة، وعمدتهم في ذلك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم، فيكون هذا مخصص لعموم حديث الباب، فيبقى حديث الباب بالنسبة إلى الحج، وأما العمرة فلا بد من الخروج إلى الحل، وأهل العلم يقولون: لا بد من الجمع في النسك بين الحل والحرام، والحاج لا بد أن يخرج إلى الحل للوقوف بعرفة؛ لأنها من الحل، والمعتمر لن يخرج مرة ثانية، فيلزم بالخروج للإحرام، وحديث عائشة، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم صريح في هذا، وإن قال من قال: إنما أمره أن يخرج بها إلى التنعيم جبراً لخاطرها، كي تدخل من خارج الحرم بنسك كصواحبها؛ لأنها أحرمت بالعمرة في أول الأمر، ثم حاضت فأدخلت عليها الحج، فصارت قارنة، وهي تريد عمرة مستقلة كصواحباتها، فأرادت أن تدخل إلى البيت من خارجه، وهي معتمرة جبراً لخاطرها، النبي -عليه الصلاة والسلام- جبر خاطرها بالعمرة بعد الحج وإلا فالأصل أنها لما أدخلت الحج على العمرة، وصارت قارنة أنها اعتمرت، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- والصحيح في نسكه أنه قارن، عدت العمرة التي مع حجه -عليه الصلاة والسلام- عمرة فلها عمرة لما أدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة لها عمرة، وجبر خاطرها بالإتيان بعمرة مفردة؛ لكن لو كان الإحرام من الحرم من داخل مكة بالنسبة للعمرة سائغة يحبس الناس إلى هزيع من الليل في انتظارها، ألا يمكن أن يقول: أحرموا من هنا، وطوفوا واسعوا ونمشي، يحبس الناس كلهم من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015