"والله أسال ألا يجعل ما علمنا علينا وبالاً": نسأل الله -سبحانه وتعالى- ألا يجعل علمنا علينا وبالاً، بسبب التشريك فيه، أو عدم العمل به، فالعلم الشرعي عبادة محظة، لا يقبل التشريك، فقد حاء في حديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، منهم العالم الذي تعلم العلم وعلم الناس، قد يجلس لتعليم الناس عقود خمسين ستين سنة، وهو من هؤلاء الثلاثة، فيقال له: ماذا عملت؟ قيقول: تعلمت العلم وعلمت الناس، فيقال: كذبت، إنما تعلمت ليقال عالم، وقد قيل، يكفيك هذا الكلام، فيسحب على وجه إلى النار، نسأل الله العافية.
ومثله المجاهد الذي يقدم نفسه للقتل من أجر أن يقال: شجاع، لا لإعلاء كلمة الله، ومثله الجواد الذي ينفق الأموال الطائلة ليقال: جواد.
فعلينا جميعاً أن نخلص النية وأن نحرص على ذلك أشد الحرص، ولا نسوف، نقول: جاء عن بعض السلف أنه قال: "تعلمنا لغير الله، فأبى العلم إلا أن يكون لله"، لا، لا نفرط، ما تدري ماذا يفجأك الأمل، ولا ننسى قول بعضهم: من تعلم لغير الله مكر به، وقد يقول قائل: إنه حرص وجاهد نفسه على تصحيح النية وعجز، وهذا يظهر جلياً في التعليم النظامي في الكليات الشرعية، ولا شك أن هذا أمر مقلق، سواءً كان للمعلم أو المتعلم، كل منهم ينظر إلى آخر الشهر المعلم ينظر إلى آخر الشهر، والمتعلم ينظر إلى التخرج والوظيفة وبناء المستقبل، فيقول القائل: هو عجز عن تصحيح النية، لكن هل العلاج في ترك التعلم؟ لا، ليس هذا علاجاً، بل العلاج المجاهدة وصدق اللجأ إلى الله -سبحانه وتعالى- والله -سبحانه وتعالى- إذا علم صدق النية أعان، إذا علم الله صدق النية من العبد أعانه على ذلك.
فعلينا أن نجاهد أنفسنا؛ لأن هذا الأمر الذي هو الإخلاص شرط في قبول العمل، ويضاف إليه ويضم إليه المتابعة -متابعة النبي -عليه الصلاة والسلام- فالعمل إذا لم يكن خالصاً لله -عز وجل- لم يقبل، وإذا لم يكن صواباً على سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يقبل؛ ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).