هذه مسألة يقع الخلاف فيها بين المتقدمين، ابن الجوزي أدخل تسعة أحاديث من المسند في الموضوعات، وشيخ الإسلام يقول: "إن من قال: إن في المسند أحاديث موضوعة فكلامه صحيح، ومن قال: إنه ليس فيه أحاديث موضوعة، فكلامه صحيح" إيش معنى هذا الكلام؟ يعني أن الأحاديث التي قصد وضعها لا توجد في المسند؛ لأن الإمام أحمد لا يروي عن مثل هؤلاء، الذين يقصدون الوضع والكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-.
وأما الأحاديث التي وقع فيها الخطأ والوهم ونسبتها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- خطأ موجودة في المسند، وهناك كتاب ينبغي لطالب العلم أن يعتني به هو كتاب: (القول المسدد في الذب عن المسند) للحافظ ابن حجر، والحافظ ابن حجر وهو شافعي المذهب، ويذكر في مقدمة الكتاب أنه حينما يدافع عن المسند وهو على غير مذهب إمامه أنه إنما يتعصب للسنة النبوية، لا لحمية ولا لعصبية جاهلية، في كلام نفيس ينبغي أن يطلع عليه طالب العلم.
يقول: ترجح أنه لا يمسح على الجوارب المخرقة، وقد ذكرت أن بعض أهل العلم يقول: ببطلان صلاة صاحب الجوارب المخرقة، وعلى حسب علمي أن المهاجرين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت خفافهم مخرقة ويمسحون عليها؟
على كل حال المسألة كما عرضنا خلافية، والأصل غسل القدم، نعم إذا وجد ما يستر القدم يمسح، وأحاديث المسح متواترة، وما بان مما يجب غسله عند أكثر أهل العلم يجب غسله، وخفاف الصحابة هذا مجرد احتمال أبداه شيخ الإسلام، يقول: "يغلب على الظن أنهم مع عدم انفتاح الدنيا عليهم وحاجتهم وفاقتهم وفقرهم لا يبعد أن تكون خفافهم فيها المخرق" وهذا نقول: لا يبعد، لكن الأصل أن ما ظهر من فرائض الوضوء أنه يجب غسله، وما ستر يمسح، هذا الأصل، من قال بقول شيخ الإسلام، واقتنع بفتوى من يعتد بقوله من الأئمة ما أحد يمنعه، لا سيما والاحتمال الذي أبداه شيخ الإسلام ظاهر لا خفاء فيه، لكن ليعلم أنه لن يعدم من يقول من أهل العلم ببطلان صلاته، وإذا أخذ بالأحوط، وحرص على أن يكون الخف والجورب ساتر للمفروض، ما في أحد من أهل العلم بيقول: إن صلاته باطلة، بل هي صحيحة بالإجماع.