كيف؟ نعم هو يرجو ثواب الله -جل وعلا- بهذا الحج، الآية مطابقة لحديث: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ارتفع عنه الإثم السابق شريطة أن يتقي الله في حجه، من تأخر ارتفع عنه الإثم شريطة أن يتقي الله في حجه، فيكون معنى الآية معنى الحديث، وعلى هذا يعني الآية بظاهرها لا فرق فيها بين التعجل والتأخر، فلا يؤخذ من الآية تفضيل التأخر، إنما يؤخذ تفضيله من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو أنه لم يتعجل، فيكون التأخر أفضل من التعجل، وأما الآية ففيها أن من اتقى الله -جل وعلا- في حجه ارتفع عنه الإثم، وهو معنى قوله: ((رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) يعني هل هذا المعنى هو الظاهر الذي يفهمه الناس من هذه الآية؛ لأن قوله: {لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] جاءت بعد من تأخر، فالذي يفهمه الناس من هذه الآية أن التأخر أفضل من التعجل، ما فيها دلالة على هذا؛ لأن (لمن اتقى) يرتفع الإثم عن الحاج إذا اتقى الله -جل وعلا- في حجه، سواء تعجل أو تأخر؛ لأن السياق واحد، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى، هل نقول: لا إثم عليه إذا تأخر شريطة أن يتقي ولا نشترط هذا في التعجل؟ لا، إذ لا يرتفع عنه الإثم إلا إذا اتقى الله -جل وعلا- فلم يرفث ولم يفسق، فيكون معنى الآية هو معنى الحديث.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: وعنه -رضي الله عنهما- قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله إن فريضة الحج على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يثبت على الراحلة، أفحج عنه؟ قال: ((نعم)) وذلك في حجة الوداع" [متفق عليه واللفظ للبخاري].