نعم، كيف؟ شد الرحل راح مثلاً إلى جدة في عالم من العلماء مات ويصلى عليه في جدة أو الرياض نعم، يعني ما قصده البقعة لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث من البقاع، أما غير البقاع فلا تشد إليها الرحال، يعني كما تشد الرحل لصلة الرحم تسافر لزيارة قريب لزيارة صديق، لبر الوالدين، زيارة أخ في الله في حياته وبعد مماته تشيعه، وتزوره وتعوده إذا كان مريض، أنت لا تذهب لتتعبد في تلك البقعة.
((إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)) إدخال الحديث في هذا الباب لماذا؟ لأنه قد قيل أو قد ورد ما يدل على أن الاعتكاف لا يصح إلا في هذه المساجد الثلاثة، جاء عن حذيفة ولكن ابن مسعود رد عليه {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(187) سورة البقرة] والمساجد يشمل مساجد الأرض كلها، مما يقام فيه الجماعة، ولذا فالمرجح أن الاعتكاف في أي مسجد تقام فيه جماعة صحيح.
جاء التفضيل في هذه المساجد، وأن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والمسجد النبوي بألف صلاة، وجاء في المسجد الأقصى ما يدل على أنه بخمسمائة صلاة، فهذه المساجد لا شك أن لها مزية، والتفضيل بالنسبة للمسجد الحرام شامل، للحرم كله، ولا يختص بالمسجد، والأدلة على هذا وهو قول جمهور أهل العلم كثيرة، ولو لم يكن منها إلا قوله -جل وعلا-: {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] هم أخرجوا من مكة، فالقول المرجح من أهل الجمهور أن مكة كلها حرم، وداخل حدود الحرم مضاعف.
((ومسجدي هذا)) يدل على أن التضعيف خاص بالمسجد، والمسجد الأقصى مثله، التضعيف هذا هل يشمل الرجال والنساء، يشمل الفرائض والنوافل؟ أما بالنسبة للمسجد الحرام والمقرر عند الجمهور أن المضاعفة في الحرم كله، ولا يختص بالمسجد، فتشمل صلوات النساء في بيوتهن، ونوافل الرجال في بيوتهم؛ لأن النوافل في البيوت أفضل.