لا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعجبه التيمن، يعجبه التيمن، لكن إذا عورض بما هو أقوى منه، فلو افترضنا أن شخصاً أراد أن يدخل المسجد وعن شماله والده -مثلاً- أو شخص أكبر منه سناً، النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح يقول: ((كبر، كبر)) هذا من جهة، الأمر الثاني: أن المبادرة إلى الدخول إلى المسجد أفضل من التأخر، وحينئذٍ يحصل التعارض من هذه الحيثية، لكن إذا كان من على الشمال، أو على اليمين أكبر منك، أو له فضل عليك، كأبيك مثلاً، وقدمته فهاهنا تعارض أمور، وهو أن الدخول إلى المسجد أفضل من التأخر عنه، مع الإيثار، مع تقديم الأكبر، الإيثار مطلوب، ومدح به الأنصار لكن ليس على إطلاقه، فأهل العلم يطلقون المنع في الإيثار بالقرب، أما القرب الواجبة فلا يجوز الإيثار فيها، شخص عنده ماء يكفيه للوضوء ووجد غيره لا يجوز أن يقول له: أأثرك بهذا الماء وهكذا، الإيثار بالقرب المستحبة، على حسب ما يترتب عليها من مصلحة، تدخل فيها المصالح كما هنا، فإذا آثر والده بالدخول إلى المسجد قبله لا شك أنه مأجور على ذلك، ومصلحة الإيثار راجحة على مصلحة التقدم، تقدم دخول المسجد.

نعود إلى أصل المسألة وهي أنه هل يدخل من على اليمين أو يدخل الأكبر؟

النبي -عليه الصلاة والسلام- يعجبه التيمن، يعجبه التيمن، وجاء الأمر بتقديم الكبير ((كبر، كبر)) فتقديم اليمين هو المعجب للنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن عارضه ما ثبت بأمره -عليه الصلاة والسلام- من تقديم الكبير، إذا كان الناس في المجلس وأحضر الطعام أو المشروب أو ما أشبه ذلك فإنه يبدأ بالكبير، ثم من على يمينه، كما بدأ بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فأعطاه من عن يمينه وهكذا.

يقول: إذا تعارض حديثان أحدهما صحيح أو ضعيف؟

يبحث في الجمع بينهما، إذا كان أحدهما ضعيف فلا عبرة به، إذا كان أحدهما ضعيف فلا يتكلف اعتباره، يعمل بالصحيح ويطرح الضعيف، لكن إذا كانا صحيحين، فلا بد من إيجاد المخرج بالجمع والتوفيق، وهذا ما يسميه أهل العلم مختلف الحديث، وهو أن يتعارض حديثان في الظاهر وحينئذٍ يبحث عن أوجه الجمع فإن أمكن وعرف المتقدم من المتأخر قيل بالنسخ وإلا فالتوقف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015