يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب صوم التطوع وما نهي عن صومه، ما عدا رمضان، كما دلت على ذلك النصوص، وما يوجبه الإنسان على نفسه فهو تطوع، حديث ضمام بن ثعلبة الذي جاء يستفهم عن شرائع الإسلام، وأن رسولَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرهم أن الله فرض عليهم صوم شهرٍ من كل عام، قال: فهل عليّ غيره؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) فما عدا ذلك تطوع، والتطوع لا شك أنه مما ترفع به الدرجات، وتكسب به الحسنات، وتكفر به السيئات، ويكمل به ما نقص من الواجب، وفي حديث عرض الأعمال إذا وجد فيها نقص من الفرائض قيل: ((انظروا هل لعبدي من تطوع؟ )) يعني فيكمل به هذا النقص، فليحرص المسلم لا سيما طالب العلم الذي ينبغي أن يكون قدوة من الإكثار من التطوع والتعبد في مثل هذه العبادات التي تزكو بها النفوس، وتصفو بها القلوب من الصلاة والصيام والحج والعمرة وغيرها، والأذكار وتلاوة القرآن، كل هذه على طالب العلم أن يعنى بها، نعم بعض طلاب العلم ينشغل بالأمور الذي يتعدى نفعها، وينسى مثل هذه الأمور، والنفع المتعدي عند أهل العلم في الجملة أفضل من النفع القاصر، في الجملة وليس على إطلاقه، وإلا فأعظم أركان الإسلام نفعه قاصر، الصلاة أفضل من الزكاة كما هو معروف، فعلى طالب العلم أن ينوع من العبادات، وتنوع العبادات في شرعنا من مزايا هذه الشريعة، ولها مصالح عظيمة جداً، ولو لم يكن فيها إلا اختبار المكلف هل يذعن أو لا؟ لأن بعض الناس يسهل عليه أن يتطوع بالصلاة، مستعد يصلي مائة ركعة؛ لكن يشق عليه أن يصوم لحظة، ما يمكن، ما يصبر، ما يستطيع أن يصوم يوم مثلاً، بينما عنده استعداد يصلي ألف ركعة، وبعض الناس يصوم شهر، وما عنده استعداد يبذل درهم؛ لكن جاءت العبادات متكاملة منها البدنية، ومنها المالية، ومنها المشتركة بينهما لاختبار المكلفين، والذي ما تعود الصيام يصعب عليه ويشق عليه؛ لكن إذا جاهد نفسه وتعود عليه يتلذذ به، وقل مثل هذا في بقية العبادات، صوم التطوع وما نهي عن صومه يندرج تحته حيث جمع المؤلف في هذا الباب الأيام التي يشرع صومها والأيام التي يكره صومها، والأيام التي يحرم صومها.