يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. وفي بعض الروايات أعرابي، ومنهم من سماه: سلمة بن صخر البياضي أو سلمان ومنهم من قال أعرابي ولم يسمّه. ((جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت يا رسول الله)). هذا يستشعر الذنب ويستشعر عظمة من عصى، بخلاف من يزاول المعاصي وهو يضحك أو يتحدث بها ويتبجح ويتمدح بها، هذا يقول: ((هلكت يا رسول الله. قال: وما أهلكك. قال: وقعت على امرأتي في رمضان)). وقعت على امرأتي في رمضان، هل كان يعرف الحكم قبل ذلك أو لا يعرف؟ بدليل قوله: هلكت. لو كان ما يعرف أن هذا محرم أو أن هذا مفطر يعذر بجهله أو لا يعذر؟ يعذر بالجهل، إذا كان لا يعرف أن هذا محرم، ولا يعرف أن هذا مفطر يعذر بجهله ولا يلزمه شيء. لكن يعرف أنه محرم ولا يعرف الأثر المترتب عليه، إما يلزم صيام شهرين متتابعين أو عتق رقبة هذا تترتب آثاره عليه لأن ما دام عرف أنه محرم عليه أن يكفّ، فرق بين من لا يعرف الحكم أصلاً، وبين من يعرفه ولا يعرف الأثر المترتب عليه ((وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان. فقال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين. قال: لا. قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا)). هذه كفارة الجماع في نهار رمضان. وهي على الترتيب كما هنا. وجاءت بفظ التخيير بأول. عند مالك في الموطأ ولذا جنح أنها على التخيير، ولم يشر مالك في روايته أن هذا الذي أفطر عمداً أن فطره كان بالجماع، وإنما ذكر أن أعرابياً جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: أفطرت في رمضان ولذا جعل الكفارة لكل من أفطر عمداً في رمضان بالأكل والشرب والجماع على حدٍ سواء. والكفارة على التخيير لأنه خرجها بـ أو، أعتق رقبة أو أطعم أو صم، على التخيير عنده، ويرى الإمام مالك أن كل من أفطر عن عمد سواء كان عن أكل أو شرب أو جماع أنه تلزمه الكفارة، ولذا ما نص على أن فطر هذا الأعرابي كان بالإجماع، في روايته الأولى الذي اعتمد عليها في الموطأ. فجعل الرواية تشمل جميع المفطرات وإلى هذا جنح -رحمه الله- فهنا في الحديث نص على أنه وقع