قد يقول قائل: الوسائل لها أحكام المقاصد، نهينا عن الاستنشاق ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) والاستنشاق وسيلة إلى دخول الماء إلى الجوف، والقبلة وسيلة، نقول: الاستنشاق وسيلة يغلب على الظن حصول الغاية معه، بينما القبلة لا يغلب على الظن حصول الغاية معه، ولو غلب على الظن حصول الغاية معها لمنعت.
"يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم" يباشر: يعني يمس البدن من غير حائل، وليس معنى هذا أنه يطأ في ما دون الفرج هذه مباشرة؛ لكن الوطء هذا يحصل به الإنزال، والإنزال مبطل للصوم؛ لكن المباشرة المقصود بها: مس البدن من غير حائل "ولكنه كان أملككم لإربه" فعائشة تثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقبل لكن عنده ما يمنعه مما يخدش الصوم.
أيضاً يمنع الصائم مما يمنع منه غيره، فإذا كان قول الزور والعمل به والجهل والرفث ممنوع في غير وقت الصيام يتأكد منعه في حال الصيام؛ لأن مضاعفة الذنوب لا تضاعف؛ لكنها تعظم بسبب شرف الزمان والمكان، وقل مثل هذا في النظر إلى النساء محرم في كل وقت، والرجل مأمور بغض البصر سواءً كان النساء على الطبيعة أو على الشاشات أو في صور الصحف والمجلات، المقصود أنه ممنوع من النظر إلى النساء الأجنبيات، بل هو مأمور بغض البصر، وإذا كان هذا في غير رمضان، كان المنع منه في رمضان أشد، والعقوبة فيه أغلظ، نسأل الله السلامة والعافية.
وبعض الناس يسترسل في هذه الأمور، ويتعرض لإبطال صومه، بل لإبطال صلاته، أحياناً ينظر في هذه الشاشات وفي هذه القنوات وفي هذه الصورة ثم إذا مثل بين يدي ربه -جل وعلا- خرج منه ما يخرج، هذا كثير، لا سيما عند الشباب، فعلى الإنسان أن يبعد عن مواطن التهم، الموطن التي تخدش دينه، يبعد عما حرم الله عليه، ويتقي الله -جل وعلا-، حب وتتذلل لله -جل وعلا-، وليس بحر، كما يردد بعض الناس، أبداً ليس بحر، بل هو عبد لله -جل وعلا-، خلق لهدف عظيم، وغاية عظمى، وهي العبادة، تحقيق العبودية بعض الناس يرددون أبداً الناس أحرار، نعم الناس أحرار من رق العباد، أما من رق الخالق فهم عبيد، وخلقوا للعبادة، فلتجري عليهم الأحكام.