وحقيقة شرعية أخرى، أنه لا درهم له ولا متاع، في باب الحجر والتفليس له حقيقة، وفي باب الترهيب من ظلم الناس له حقيقة، فيكون له أكثر من حقيقة، وهنا نقول: للأكل والشرب أكثر من حقيقة شرعية؛ لأن مثل هذا النص نلزم به من يقول بالمجاز، يقول: ما نتفق على الحقائق الثلاث كلها الأكل والشرب المحسوس؟ نقول: لا، نتفق على هذا أيضاً من حقيقته الشرعية الأكل المعنوي؛ لأنه لو كان أكل حسي ما ثبت أنه صائم، ما صار مواصل لو كان أكل حسي، إذاً ليس بأكل حسي، هو أكل معنوي، وهذا الأكل المعنوي حقيقة شرعية بدلالة هذا النص، مثل ما قلنا في المفلس.
الحديث فيه دليل على أن الوصال من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأصل في النهي التحريم، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال؛ لكن حمله كثير من أهل العلم على أنه للكراهة.
نعم لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- واصل بهم، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً لأنه لو كان الوصال محرماً ما أدبوا بهذا المحرم، فلما أدبوا به عرف أنه جائز؛ لكنه خلاف الأولى ويكون هذا صارف عن النهي من التحريم إلى الكراهة.
ومن أهل العلم من يرى أن الأمر والنهي إذا جاء من أجل الشفقة على المأمور أو على المنهي فهو للاستحباب، حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمرو: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) نقول: يحرم على ابن عمر أن يزيد على أن يقرأ القرآن في أقل من سبع؟ أو نقول: هذا من باب الرأفة به والشفقة عليه مع جواز غيره؟ فيكون النهي للكراهة، وعامة أهل العلم على أنه تجوز قراءة القرآن في أقل من سبع، وكأنهم جعلوا الصارف ما ذكر من أن الأمر من أجل الشفقة على المأمور والنهي من أجل الشفقة على المنهي.
((وأيكم مثلي فإني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)) فلما أبو أن ينتهوا من الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً ثم رأوا الهلال، فقال: ((لو تأخر الهلال لزدتكم)) كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا" متفق عليه.
هذا يدل على أن الوصال جائز أو حرام، وإلا مكروه، يعني هل يمكن أن يؤدب الإنسان بمحرم؟
طالب:. . . . . . . . .