في آية آل عمران {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [(97) سورة آل عمران]، ثم قال: {وَمَن كَفَرَ} هذا أمر عظيم {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} وجاء عن عمر وغيره أنهم يرسلون إلى عمالهم في الأقاليم أن ينظروا من كانت له جِدَة ولم يخرج فليفرضوا عليه الجزية، ما هم بمسلمين؟ ما هم بمسلمين، جاء مثل هذه النصوص التي تجعل بعض العلماء لا سيما الإمام البخاري يجعل الحج آكد من الصيام والرواية المتفق عليها بتقديم الحج على الصيام، وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمر بعض روايات الحديث عند مسلم قال: ((وصوم رمضان والحج)) فقدم الصيام على الحج، فقال رجل: الحج وصوم رمضان، فقال ابن عمر: لا، صوم رمضان والحج، إنكار ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- على هذا المستدرك لا شك أنه مشكل مع أنه ثبت عن ابن عمر أنه قدم الحج على الصيام، يشكل عليك، كيف ترد عليه وقد ثبت عنك أنك قدمت الحج على الصيام، والحديث في الصحيحين، فأهل العلم لهم كلام في السبب الذي من أجله رد ابن عمر على هذا المستدرك، ومن ذلك ما قاله النووي -رحمه الله-، قال: لعل ابن عمر روى الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على الوجهين، مرة بتقديم الحج ومرة بتقديم الصوم، فرواه كذلك على وجهين، ثم لما رد عليه هذا المستدرك أراد أن يؤدبه، فقال: لا تستدرك ولا تعترض بما لا علم لك به، وهذا أسلوب من أساليب تربية بعض الطلاب الذين يتعجلون بحضور الأكابر، فيردون عليهم ويستدركون عليهم، يعني من السهل جداً أن تجد طالب صغير والشيخ يتكلم يقول: لا يا شيخ، كذا، أمر سهل جداً أن أتقدم بسؤال فإذا أجيب قال: لا يا شيخ الشيخ فلان يقول كذا، مثل هذا يحتاج إلى تأديب مثل تأديب ابن عمر لهذا المستدرك، وإلا فالحديث ثابت على الوجهين.
جوز النووي -رحمه الله تعالى- أن يكون ابن عمر يروي الحديث على الوجهين، ثم لما رواه بتقديم الصيام على الحج نسي الوجه الأول، الذي فيه تقديم الحج على الصيام فلما استدرك عليه المستدرك قال: لا، صوم رمضان والحج.