نافعه كان رازقه الله، قال هذا العقل لا دخل له، وهذه حكمة إلهيه، لئلا يقول كسبته بعقلي وحنكتي ودهائي وخبرتي لا، لكنه أيضاً مزلة قدم لمن لا يرضى ويسلم كم جاهل يقول المعري وهو متهم بالزندقة:
كم جاهل جاهل أعيت مذاهبه وعالم عالم يقول ..
كم عالم عالم أعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
كم عالم يعترض بهذا على القدر،
هذا الذي صير الأفكار حائرة ... وصير العالم النحرير زنديقا
الواقع يدل على كثير من الأذكياء، أذكياء العالم فقراء، وكثير ممن هم دونهم في المستوى عندهم، وبعضهم يرد هذا إلى أن الذكي جداً يتردد ما يقدم على شيء إلا بعد دراسة وافية وتامة ويحسب وليش هذا ومتى هذا ثم تفوته الفرص، بخلاف غيره الذي يغامر والتجارة تحتاج إلى شيء من الجرأة، على كل حال قد ترى الإنسان وتقدر وضعه أنه قادر على الاكتساب وهو في الحقيقة لا يستطيع، فالمرد في الاكتساب لا على القوة ولذا رده النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى مشيئتهما.
قال الحافظ -رحمه الله-: وعن قبيصة بن مخارق الهلالي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه، لقد أصابت فلان فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكله صاحبه سحتاً)) رواه مسلم وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان.