في الحديث الذي يليه يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه يعني بقيمتها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)) هذا فيه حث على العمل فالدين ديننا ولله الحمد دين العمل، وليس بدين بطالة ولا كسل ولا خمول، إنما على الإنسان أن يعمل {وَقُلِ اعْمَلُواْ} [(105) سورة التوبة] لكن العمل لما خلق له الإنسان وهو تحقيق العبودية ومن العبودية أن يسعى في تحصيل ما يعينه على تحقيق الهدف {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] لأن النصيب من الدنيا لا بد منه لتحقيق الهدف والوسائل لها أحكام المقاصد والأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به، لا يمكن أن يتعبد الإنسان بدون ما يعينه على بقاء جسمه وبقاء حياته، فهذا لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب تصور هذه المهنة مهنة شاقة على كثير من الناس فكيف بما هو أهون منها وأسهل والناس الآن يستنكفون عن كثير من المهن؛ لأنهم عاشوا في رخاء وفي رغد فعلى الإنسان ألا يمتهن نفسه بسؤال الناس، فكونه يمتهن نفسه بالعمل أيسر له من أن يسأل الناس، فالناس يستثقلون من يسأل ولو كان المسئول شيئاً يسيراً.
ولو سئل الناس التراب لأوشكوا ... إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا
لو تقول أعطيني كف من تراب استثقلوا، والصحابة -رضوان الله عليهم- يسقط سوط أحدهم من يده وهو على البعير لا يقول لفلان ناولني السوط، ينزل فيأخذه، وقد بايعوا النبي -عليه الصلاة والسلام- على مثل هذا.