في الحديث الأول يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال الرجل يسأل الناس ... )) يعني من أموالهم، وقد جاء النهي عن كثرة السؤال نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال، وحمله أهل العلم على عمومه في أمور الدنيا وفي مسائل العلم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [(101) سورة المائدة] فهو محمول على عمومه، فالسؤال ممنوع لهذه النصوص لكن من نزلت به نازلة أو حصلت له مسألة يريد الحكم الشرعي فيها اتجه إليه الأمر، في قوله جل وعلا: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] فالسؤال المنهي عنه غير السؤال المأمور به، منهم من يحمل السؤال المنهي عنه على السؤال على سبيل التعنت، ولذا جاء النهي عن الأغلوطات على سبيل التكبر والترفع وبيان المنزلة، أو على سبيل تعنيت المسئول أو السؤال عن فضول المسائل وتشقيقها والمسائل التي لم تقع والحوادث التي يبعد وقوعها ويندر، كان السلف يتوقون مثل هذا، وكانوا يسألون السائل هل وقعت هذه المسالة أو لم تقع، في وقت التنزيل الذي يخشى منه التحريم بسبب السؤال وقد جاء الوعيد في حق من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجله، لكن بعد أن أمن هذا وانقطع الوحي واستقرت الشريعة وكمل الدين العلماء فرعوا المسائل وصوروا مسائل لم تقع ومرنوا الطلاب عليها، وخرجوا الطلاب على هذه الطريقة وتوسعوا في هذا فلا مانع من أن يمرن الطالب على مسائل لم تقع، لكن يبقى أنه لا يكثر السؤال إلا لشيء يرجو منه فائدة.