"المتفق عليه البخاري ومسلم": وما ذكرناه من أنه لا بد من اتحاد الصحابي ليكون الحديث واحداً هو قول الأكثر، وإلا قد تجدون في مثل شرح السنة للبغوي، قول: متفق عليه، رواه محمد عن أبي هريرة ومسلم عن ابن عمر، وهذا اصطلاح خاص به، وقد تجدون في المنتقى (متفق عليه) ويريد بذلك البخاري ومسلم وأحمد، وهذا اصطلاح خاص به، ومثل هذا لا مشاحة فيه، مثل هذا الاصطلاح إذا بُيِّن لا مشاحة فيه، وتسمعون كثيراً قولهم: لا مشاحة في الاصطلاح، هذه الكلمة ليست على إطلاقها، وليس كل اصطلاح يسلم ولا يشاحح فيه، بل من الاصطلاحات ما ينبغي أن يشاحح صاحبه، فإذا كان الاصطلاح لا يخالف حكماً شرعياً أو لا يخالف ما اتفق عليه أهل علم من العلوم فإنه لا مشاحة فيه، أما إذا تضمن مخالفة فيشاحح صاحبه، لو قال شخص: أنا أُسمي أخ الأب خالاً، الناس يسمونه عماً وأنا بأسميه خالاً، وأنا أسمي أخا الأم عماً، وإن كان الناس كلهم يسمونه خالاً، نقول: لا، قال: أنا أكتب في الفرائض وأبين هذا في المقدمة، نقول: ما يكفي، أنت خالفت، يترتب عليه مخالفة شرعية، يعني ما يثبت للعم من النصوص غير ما يثبت للخال والعكس، لكن لو قال: أنا أسمي أبا الزوجة عماً أو خالاً قلنا: شأنك؛ لأنه ما يترتب عليه مخالفة، هذا اصطلاح سواءً سميته خالاً أو عماً ما يتغير الحكم، ولا يترتب عليه شيء، بعض الناس يسميه عماً، وبعضهم يسميه خالاً، ما فيه فرق، أمور اصطلاحية بين الناس، فلنعرف أن من الاصطلاحات ما يشاحح فيه، فليست هذه الكلمة على إطلاقها.
فلو ألف شخص في الجغرافيا مثلاً وقال: الناس يقولون: هذه الجهة هي الشمال، وهذه هي الجنوب، أنا أقول: لا، هذا هو الشمال وهذا الجنوب، نقول: لا، تشاحح في اصطلاحك.
ولو قال: السماء تحت والأرض فوق، نقول: لا، تشاحح في اصطلاحك، لكن لو قال: أنا لا أغير من الواقع شيئاً هذا هو الشمال وهذا هو الجنوب، لكن الناس كلهم في الخارطة يجعلون الشمال فوق، والجنوب تحت، صح وإلا لا؟ يقول: لا، أنا باقلب الخارطة، أخلي الجنوب فوق والشمال تحت، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح، ليش؟ لأنه ما يغير من الواقع شيئاً.