وعن عبد الله بن جعفر -رضي الله عنهما- قال: لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب، جعفر الطيار المعروف، حينما قتل بمؤتة مع صاحبيه، حين قتل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اصنعوا لآل جعفر طعاماً)) أهل الميت شغلوا بميتهم، وبخبر وفاته، وذهلوا بهذا فلم يكن عندهم من الفراغ ما يمكنهم من صنع الطعام فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بصنع الطعام لهم ((اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم)) ويلهيهم عن صنع الطعام، فيعانون بهذا، وهذا الحديث حديث حسن، بل قال الترمذي: حسن صحيح، فصنع الطعام لأهل الميت سنة ((اصنعوا لآل جعفر طعاماً)) أقل أحوالهم السنية؛ لأنه جاءهم ما يشغلهم، لكن يصنع لهم بقد الحاجة، أما المباهاة بصنع الطعام؛ لأنه جاءهم ما يشغلهم فمثل هذا كان الاجتماع وصنع الطعام يعد من النياحة، هذا إذا كان أكثر من قدر الحاجة، ومعلوم أن الناس تعارفوا فيما بينهم سواء كان في الضيافات أو في غيرها أن الطعام لا بد أن يزاد فيه، ويحسب للنوائب حسابها، فلا يحسن أو يجمل لمن أراد أن يصنع لهم طعاماً فيقول: كم أنتم؟ فيأتي بعددهم، يقدر ما يكفيهم ويكفي أقاربهم الذين جاءوا لهم وضيوفهم لا بأس، وهذا أصل في الباب، فصنع الطعام لأهل الميت سنة، هذا أقل أحواله، أما المباهاة والمبالغة فقد تكون هذه الظروف مكان للمباهاة، ودعوة الناس واجتماعهم عليها بقصد، يعني وجد في مثل هذه المناسبات شيء ما يخطر على البال، يعني إذا كنت سمعتم بولائم الأعراس التي هي في غاية السرف التي ينفق فيها عشرات بل مئات الألوف وجد في مثل هذا الظرف، وجد، فهذا لا شك أنه لا يجوز بحال السعة فضلاً عن حال الضيق في مثل هذا، ولذا الشرع لا يأتي بما يخالف الفطر، يعني عزاء عزاء لكن بالحد الشرعي، ولذا يكره أهل العلم كثرة الكلام في أمور الدنيا والضحك وتبادل النكت والطرائف أثناء حزن بعض الناس، كما أنه يستحب أن يرى أن في الدين فسحة في أيام الأعياد والأعراس وما أشبهها، لكن بالتوسط في هذا وفي هذا، لا بد من التوسط، ولا بد من مراعاة الآداب الشرعية في البابين، فالمنع بالكلية من صنع الطعام مخالف لهذا الحديث، والتوسع فيه توسع غير مرضي وغير مقبول في الظروف العادية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015