"في شأنه كله" قد يقول قائل: إنه باق على عمومه، لكن المستثنى بالنصوص الأخرى ليس من ذوات الشأن، والشأن هو الذي يهتم به شرعاً، وعلى هذا يكون لا تخصيص يبقى اللفظ عاماً لم يدخله تخصيص، باقٍ على عمومه محفوظ من التخصيص؛ لأن الشأن هو ما له بال يهتم به شرعاً، وما ذكر من الأمور المخصوصة ليست بذات شأن ولا بال مهتم به شرعاً.
الحديث الذي يليه نعم.
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم)) أخرجه الأربعة، وصححه ابن خزيمة".
((إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم)) أخرجه الأربعة" وعرفنا الأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، "وصححه ابن خزيمة" ذكره في صحيحه من غير تعقب له، وهذا لفظ أبي داود وابن خزيمة، أما الترمذي والنسائي فليس فيهما ذكر الوضوء، بل فيهما "كان إذا لبس قميصاً بدأ بميامنه" الذي عند أبي داود وابن خزيمة الوضوء مع اللباس، لكن عند الترمذي والنسائي اللباس فقط، وليس فيه ذكر للوضوء، فكلام الحافظ موهم، والحديث صحيح، الحديث صحيح بطرقه.
((إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم)) مقتضاه وجوب تقديم اليد اليمنى على اليد اليسرى، والرجل اليمنى على الرجل اليسرى؛ لأنه أمر ((فابدؤوا)) والأمر أصله للوجوب، لكن جمهور أهل العلم لم يقولوا بهذا، فتقديم اليمنى على اليسرى استحباب عند جمهور أهل العلم، وهو قول الأكثر، يعني لو توضأ وغسل يده اليسرى قبل يده اليمنى صح وضوؤه، لكن الأولى والأكمل والأفضل أن يقدم اليمنى على اليسرى، وهذا مروي عن علي وابن عباس -رضي الله عنهم-، تقديم اليسرى على اليمنى، ولولا وجود مثل هذه الروايات لقلنا: النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حفظ عنه ولا مرة أنه توضأ فقدم اليسرى على اليمنى وفعله بيان لما أوجب الله -سبحانه وتعالى-، فالبيان واجب مثل أصله المبيَّن، إذا أضيف إلى ذلك الأمر الوارد في مثل هذا الحديث ((إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم)) والحديث من حديث جابر على ما سيأتي ((ابدؤوا بما بدأ الله به)).