عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكثروا ذكر هادم اللذات الموت)) الحديث مخرج في سنن الترمذي والنسائي، ومصحح عند ابن حبان والحاكم وابن السكن، وجمع من أهل العلم صححوه، وله طرق وشواهد تجعل لتصحيحهم وجهاً، وهادم اللذات وجاء في بعض الألفاظ بالدال المهملة "هادم" وجاء في بعضها "هازم" والفرق بين هذه الألفاظ أن الهاذم هو القاطع، والهادم هو المزيل كالذي يهدم البناء، والهازم هو الغالب، وإذا نظرنا إلى الموت وجدنا فيه هذه الألفاظ كلها، فهو يقطع اللذات، والمراد باللذات المحسوسة من استمتاع بمتع هذه الحياة فيحول بين المرء وبينها فيقطعه من الاستمتاع بالأكل والشرب ومعاشرة الأقران والنساء وما أشبه ذلك من متع هذه الحياة الدنيا على أنه قد ينقل الإنسان إلى ما هو أشد متعة ولذة منها، لكن هذا بالنسبة لمستوى الناس كلهم الذين يشتركون فيه في متعال الحياة الدنيا، لكن من الناس من ينتقل إلى ما هو أفضل من حاله وعيشه، ومنهم من ينتقل إلى حال سيء -نسأل الله السلامة والعافية- فهو قاطع وحائل بينه وبين لذاته، وهو أيضاً هادم مثل ما يهدم البناء ويتحطم فهو مزيل لهذه النعم سواء أكانت حقيقته أو ذكره عند من أحياء الله قلبه، مزيل للتلذذ بهذه النعم واللذات، وهو أيضاً غالب لها، ولذا يتقزز كثير من الناس من ذكر الموت أثناء الطعام، وينكر على من يذكر الموت في أوقات الفرح مثلاً في الأعياد وفي الأفراح وفي الأعراس وفي غيرها وأثناء الأكل والشرب ينكر يقول: الناس جاءوا ينبسطوا ويفرحوا ويتلذذوا بالحياة لكن أولى ما يذكر فيه الموت في هذه المواطن، مع أنه ينبغي أن يكون على لسان الإنسان على لسان المسلم امتثالاً لهذا الحديث، وللمصلحة المترتبة على ذكره؛ لأن الإنسان الذي يكثر من ذكر الموت، الموت لا يذكر في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلا كثره، إذا كانت عندك الأموال الطائلة إذا ذكرت الموت أمنت من الطغيان؛ لأنك رأيت أنك استغنيت، فإذا عرفت أن وراءك موت تأمن من هذه الآفة، وإذا كنت فقيراً لا تجد ما يكفيك تكاد نفسك تتقطع حسرات إذا رأيت ما عند الناس من أموال ذكرت الموت فهان عليك كل شيء، فهذا الأمر على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015