مما ذكر من دعاء العباس في مثل هذا الاستسقاء أنه كان يقول: "اللهم إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب أنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب، ولم ينكشف إلا بتوبة، ولم ينكشف إلا بتوبة، لا شك أن ما يصيب العباد فبما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} [(45) سورة فاطر] ولم ينكشف إلا بتوبة، لا شك أن ما يصيب الناس في جميع أمورهم الخاصة والعامة إنما هي عقوبات بسبب الذنوب، فإذا أصيب الإنسان بأي مصيبة سواء كانت المصيبة عامة أو خاصة عليه أن يبادر بالتوبة {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [(11) سورة الرعد] فالتغيير إلى الأصلح لا شك أنه يتطلب تغييراً إلى الأصلح، والتغيير إلى الأسوأ لا شك أن سببه تغيير من قبل الخلق إلى الأسوأ، {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [(11) سورة الرعد] يقول العباس: ولم ينكشف إلا بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك -هو عم النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا أيدينا إليك بالذنوب، هذا أيدينا إليك، يعني مرفوعة إليك، وقد تلطخت بالذنوب، ونواصينا إليك، يعني اتجهت إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث، مثل هذا الانكسار هو الذي ينبغي أن يقدم في مثل هذه الخطبة، ونسمع بعض الخطباء في مثل هذا الظرف من الحاجة الشديدة إلى الله -جل وعلا- يأتي بخطبة الاستسقاء كأنها مقامة، يستعمل فيها كل ما يستطيع من بيان وبلاغة، وكلمات مترادفة، وأسجاع، الله -جل وعلا- يريد منك الخضوع والانكسار بين يديه، ومثل هذه الظروف في مثل خطبة الاستسقاء يطلب أتقى الناس وأورع الناس، وأخشى الناس للطلب لأنه مظنة الإجابة، والمسألة مسألة دعاء، والله المستعان.