"ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب فستقبله قائلاً: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكْها" أو يمسكُها كسابقه، وفيه ما فيه، ما قيل في الأول "يمسكها عنا، قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه ثم قال: ((اللهم حوالينا ولا علينا)) " يعني أبعدها عن الأماكن الآهلة، تعرفون ما يحصل بسبب كثرة الأمطار وهو الغيث الذي يخرج الناس لطلبه، ما يخرج من الأضرار، ولذا الدنيا مجبولة على كدر، هذا الناس يخرجون لطلبه، ومع ذلكم يتضررون به، والخير المحض الذي لا يشركه أدنى شر وأدنى ضرر إنما هو في الجنة، فليكن سعينا وجدنا واجتهادنا إلى تحصيل هذا الخير الذي لا يشركه ضر، وأما خير الدنيا الذي يشوبه الشر والضر مثل هذا يطلب منه الإنسان بقدر ما يعينه على بلوغ غايته، ولا تنسى نصيبك من الدنيا، مع كون الإنسان جهده كله للدنيا، وينسى الآخرة بحيث يحتاج إلى التذكير بها كما هو حال كثير من الناس، جل الناس على هذا، والله المستعان.
((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام)) جمع: أكمة ((والضراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر)) تعرفون الكوارث التي تحصل بسبب كثرة السيول والفيضانات لا يطيقها الناس، الماء الذي هو عنصر من عناصر الحياة لا يستغني أحد {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [(30) سورة الأنبياء] ومع ذلكم يحصل منه ما يحصل فكيف بغيره؟