محفوظ لمخالفته ما هو أرجح منه، والقول الثاني أنه يعتمد ما في الصحيح ويصحح؛ لأنه في كتاب تلقته الأمة بالقبول، ويحكم على ما في خلافه بالوهم، يحكم على أهل المغازي والسير أنهم أخطئوا ويش المانع؟ لأن في الصحيح ما يدل على تعدد القصة، يعني تعدد الصور، تعدد الصور يدل على تعدد القصة، وبعض الناس يتوسع فيقول: بتعدد القصة لتعدد السياق، ولو كان الاختلاف فيه من اختلاف الرواة لا في أصل القصة، بعضهم إذا وجد اختلاف بين روايتين ولو كان مرده إلى اختلاف الرواة قال: القصة تعددت، ومنهم من يتوسط فلا يحكم بتعدد القصة إلا إذا تغيرت القصة تغيراً جذرياً بحيث لا يمكن التوفيق بينها وبين غيرها، ومنهم من يجرؤ على الحكم بالشذوذ على المرجوح والراجح يحكم له بأنه محفوظ، وعلى كل حال صيانة الصحيح أمر لا بد منه؛ لأنه إذا تطاول الناس على ما في الصحيح فلا شك أنهم سوف يتطاولون على ما دونه، ويسهل عليهم نسف السنة.
لكن يبقى أن الصحيحين اتفق الأمة على تلقيهما بالقبول، وأن ما فيهما صحيح، نعم قد يكون من الصحيح ما هو معارض بما هو أرجح منه، وكونه يوجد الراجح والمرجوح أمر سهل، يعني ما يضر -إن شاء الله تعالى-.
وجمهور أهل العلم أخذوا بالصورة الأولى التي ذكرها ابن عباس، وهي المتفق عليها، والصورة الثانية أخذ بها بعض أهل العلم، وكل واحد من الصحابة أخذ بنوع من أنواعها، ابن القيم -رحمه الله- قال: كبار الأئمة لا يصححون التعدد كالإمام أحمد والبخاري والشافعي، ويرونه غلط، يقول: وهذه قاعدة في كل ما اختلف فيه السياق، بحيث لا يمكن التوفيق بين .. ، من حيث المعنى لا يمكن التوفيق بين هذا الاختلاف من سياق إلى أخر، يكون الاختلاف في المعنى لا في اللفظ، أما الاختلاف في اللفظ أمره سهل لتجويزهم الرواية بالمعنى، أما الاختلاف في المعنى هذا هو الذي لا بد من الترجيح فيه، أو يقال بتعدد القصة، نعم.
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "ما هبت ريح قط إلا جثا النبي -صلى الله عليه وسلم- على ركبتيه، وقال: ((اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً)) رواه الشافعي والطبراني"