يعني رئي الهلال في الشام ليلة الجمعة، وفي المدينة ما رئي إلا ليلة السبت، يعني كريب لو لم يروه ليلة الثلاثين هل يفطر باعتباره أكمل الثلاثين أو لا يفطر إلا مع الناس وإن ترتب على ذلك أن يصوم واحد وثلاثين؟ قال كريب: أو لا تكتفي برؤية معاوية والناس؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذه المسألة كثر الكلام فيها لأهل العلم، فمن يقول باتحاد المطالع قال: إن ابن عباس لم يقتنع بشهادة كريب، لم يقتنع بها، ومن يقول باختلاف المطالع لا إشكال عنده، فالمطلع في الشام غير المطلع في المدينة، وهو المرجح أن لكل بلد أو إقليم مطلعه، كل بلد أو إقليم له مطلعه، والمسألة فيها إشكالات كثيرة لا سيما مع الحدود السياسية، نعم لا سيما مع الحدود السياسية، مثلاً البلدان المتجاوران بينهما حد سياسي، حدود مثلاً قل: بين عرر وجهة الشمال والأردن جهات متقاربة هل الحكم تبع هناك أو هنا؟ فهل تصوم تبع الرياض مثلاً إذا أعلن دخول الهلال في الرياض أو تصوم تبعاً الشام لأنها أقرب؟ وقل مثل هذا في كل الجهات، فهذه المسألة لا شك أنه ترتب عليها إشكالات مع هذه الحدود السياسية، يبقى أن في قوله -جل وعلا-: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة] وفي قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، أولاً: هذا ليس خطاب للأفراد، بمعنى أن كل فرد يلزمه أن يصوم أو لا يصوم إلا برؤيته بنفسه، لا هذا خطاب للمجموع، لكن هل هو لمجموع الأمة بكاملها بحيث تتحد رؤية المشرق مع المغرب والشمال مع الجنوب؟ أو خطاب لكل من تتأتى منه الرؤية في بلده أو في إقليمه؟ نعم؟ على القول باختلاف المطالع الثاني، والنص محتمل، الآية محتملة، والحديث محتمل: ((صوموا لرؤيته)) ليس خطاب للأفراد بأعيانهم بأن يصوم كل إنسان لرؤيته بمفرده ويفطر لرؤيته، لا، ليس خطاب على مستوى الأفراد كل فرد بعينه، إنما هو خطاب للجماعة بكاملها أو للمجموعات كل مجموعة على حدة؟ لو قلنا: إنه خطاب للأمة بمجموعها لقلنا: إنه يلزم الصيام برؤية من تثبت الرؤية به، ولو كان في أقصى المشرق أو أقصى المغرب، ومثل هذا حديث