"وفي حديث عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- عند ابن ماجه، وجابر -رضي الله عنه- عند أبي داود والنسائي" وهو أيضاً صحيح معتضد بما قبله "أنها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس" ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، قد يقول قائل: كيف هذا صحيح وذاك صحيح؟ هذا يؤيد قول من يقول: إنها متنقلة مثل ليلة القدر، أحياناً تكون في هذا الوقت، وأحياناً تكون في ذلك الوقت، أحياناً تكون من بين دخول الإمام صعوده على المنبر إلى أن تقام الصلاة، وأحياناً تكون من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، ولا شك أن عصر الجمعة له مزية بهذا الحديث، الحديث صحيح لا إشكال فيه، له مزية فينبغي أن يغتنم بالدعاء عل الله -جل وعلا- أن يوفق العبد لمصادفة هذه الساعة فيستجيب دعاءه، وإذا كان الإنسان مأمور بالدعاء {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] فليحرص على الدعاء لنفسه ولوالديه ولمن له حق عليه ولأمته أيضاً لا سيما في مثل هذه الظروف التي الأمة بحاجة ماسة إلى الدعاء، والأمة الآن تعيش في وضع لا تحسد عليه، فهي بحاجة إلى الدعاء، وأن الله -جل وعلا- يرفع ما نزل بها، وأن يعيدها إلى حظيرة التدين والاستقامة والالتزام بعد هذا الانصراف.
يقول ابن حجر: "وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً" وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً كيف ساعة من اثني عشر ساعة يكون الخلاف فيها أكثر من أربعين قولاً طيب الأقوال في ليلة القدر وتحديدها حول خمسين قول، طيب هذه الأقوال كيف تتشعب إلى هذه الكثرة وفي مدد محدودة؟ نعم تتشعب لأن قول ثم قول ثم ثالث ثم رابع ثم مركب من الأول والثاني ثم مركب من الثالث والرابع ثم وهكذا تتشعب الأقوال، وعلى كل حال أقواها ما ذكر، إما من صعود الإمام على المنبر إلى الفراغ من الصلاة، أو من صلاة العصر إلى غروب الشمس، فليحرص المسلم ولا سيما طالب العلم على اغتنام هذين الوقتين، يقول: "أمليتها في شرح البخاري" ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ومعروف أن ابن حجر -رحمه الله تعالى- أملأ كتابه إملاءً، أملأ كتابه إملاءً، وكان يستفيد من طلابه النابهين يحضرون له بعض المسائل فينظر فيها نظراً دقيقاً، ويراجع أصولها ويسبكها ويصوغها بعبارته، ثم يمليها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.