نعم لم يعملوا بها، وأما حملها حملوها، بمعنى أنهم نظروا فيها، واعتنوا بها، ولكن لم يعملوا بما فيها، بدليل أن الحمار يحمل ولا يتم التشبيه إلا إذا كانوا حملوها ثم لم يعملوا بها؛ لأن الحمل إنما المراد منه العمل، فالذي يحمل شيئاً من العلم وهو لا يعمل به مثلهم، الذي لا يعمل بعلمه كمثل الحمار يحمل أسفاراً، ويش الفائدة؟ الذي لا ينتفع بعلمه، وما يحمله بعض الفساق من العلم هو في الحقيقة ليس بعلم؛ لأن العلم ما نفع، وهذا العلم الذي لا تترتب عليه أثاره ليس بعلم، وإنما الثمرة العظمى من العلم العمل، أما كون الإنسان يعرف الحكم حلال حرام ثم لا يعمل، هذا جاهل {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ} [(17) سورة النساء] لإيش؟ {لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ} [(17) سورة النساء] يعملون السوء بجهالة، يعني هل نقول: إنه إذا زنا الشخص وهو عارف أن الزنا حرام تقبل توبته وإلا ما تقبل؟ إذا سرق وهو عارف أن السرقة حرام تقبل وإلا ما تقبل؟ إذاً ما فائدة قوله: بجهالة؟ نعم كل من عصى فهو جاهل، كل من عصى فهو جاهل، إذاً من عنده شيء من العلم ولم يعمل به هو جاهل لأنه عاصي، ولذا جاء في الحديث المختلف فيه: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله)) يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل اسفاراً، الأسفار: جمع سفر، والسفر الكتاب حمار يحمل كتب ماذا يستفيد؟ لا يستفيد ولا ينتفع، وهذا الذي حضر الجمعة وتكلم والإمام يخطب لم يستفد، لم يستفد، لم يستفد الأثر المرتب على الجمعة، وإلا فجمعته صحيحة ومسقطه للطلب، بمعنى أنه لا يأمر بإعادتها، لكن الثواب المرتب على الجمعة لا يحصل له ((والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة)) ليست له جمعة، أيهما أشد الذي تكلم أو الذي نهاه عن المنكر؟ نعم، الذي تكلم كمثل الحمار يحمل أسفاراً، والذي قال له: أنصت ليست له جمعة، وفي حديث أبي هريرة عند الشيخين: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة)) تأمره بالمعروف، تكفه وتنهاه عن المنكر ((والإمام يخطب فقد لغوت)) نعم فأيهما أشد؟ الثاني أشد؛ لأنه باشر الكلام وتسبب في كلام الثاني، فاجتمع له الأمران المباشرة والتسبب، نعم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015