"واشتد غضبه" يشتد غضبه -عليه الصلاة والسلام- لا سيما إذا انتهكت المحارم، لا سيما إذا انتهكت المحارم "حتى كأنه منذر جيش" "حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم" صبحكم الجيش أيها الناس "ومساكم" يعني جاءكم في وقت الصباح، وجاءكم في وقت المساء، هذا وضعه -عليه الصلاة والسلام-، يخوف الناس ويحذرهم ليصلوا إلى مأمن، ليصلوا إلى المأمن، ويقول بعد ذلك: ((أما بعد)) ويقول: ((أما بعد)) وهذه من سنن الخطبة، سنن الرسائل ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام- في خطبه وفي مراسلاته وكتاباته يقول: ((أما بعد)) ثبتت عن أكثر من ثلاثين صحابي، في الخطب والرسائل، ولا يقوم غيرها مقامها، ويؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى أخر، وهي في الموضع الأول لا تحتاج إلى ثم؛ لأن بعض الإخوان إذا أخذ يتكلم: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ثم أما بعد" على شان إيش جبت ثم؟ أما بعد مباشرة، فإذا أردت الانتقال إلى أسلوب ثالث قل: ثم، اعطف الثانية على الأولى، أما قبل فلا.
"أما بعد" وأما: قائم مقام الشرط، أما: حرف شرط، وبعد: قائم مقام الشرط، وجوابها ما بعد الفاء "أما بعد فإن" وبعدُ مبني على الضم كما تقدم في خطبة الكتاب؛ لأنه مقطوع عن الإضافة مع نية المضاف إليه، ومثله قبل {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [(4) سورة الروم] لكن لو أضيفت أعربت، ولو قطعت مع عدم نية المضاف إليه أعربت مع التنوين، والخلاف في أول من قالها معروف:
جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً ... بها عُد أقوال وداود أقربُ
ويعقوب وأيوب الصبور وآدم ... وقس وسحبان وكعب ويعربُ
ثمانية أقوال.