على سبيل المثال لو قارنا بين كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وكلام الإمام أحمد، شيخ الإسلام يستفتى في مسألة يجيب عنها وصاحبها مستوفز يريدها في مائتين وثلاثين صفحة، ويعتذر الشيخ -رحمه الله- أن صاحبها مستوفز يريدها، يعني جالس، جالس منتظر بس الكتابة في مائتين وثلاثين صفحة، لو سئل عنها الإمام أحمد لأجاب عنها بجملة، نصف سطر، مقتضى كلام ابن رجب أنك لو فضلت شيخ الإسلام على الإمام أحمد بهذا السبب لاقتضى ذلك أن تفضل المتأخرين على الصحابة والتابعين؛ لأن كلامهم كثير، وأنتم ترون يُكتب في المسألة التي لا تحتاج شيء مصنف، بينما المتقدمون كلمة كلمتين جملة علم عليه نور، كلام قليل لكنه علم مبارك، مقرون بالعمل والإخلاص، مقرون بالعمل والإخلاص، إيش اللي جرنا لهذا؟
طالب:. . . . . . . . .
لكنه ما يخلو من فائدة -إن شاء الله-.
"عن عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنه- في صفة الوضوء قال: "ومسح" صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال: "ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه، فأقبل بيديه وأدبر" وبالمناسبة محمد رشيد رضا سئل عن شيخ الإسلام هل هو أعلم من الأئمة الأربعة أو هم أعلم منه؟ فأجاب بكلام يرضي جميع الأطراف، فقال: باعتبار أن شيخ الإسلام تخرج على كتب هؤلاء الأئمة وكتب أصحابهم فهم أهل الفضل عليه، وهو كالتلميذ بالنسبة لهم، وبكونه .. ، هو نظر لكونه -رحمة الله عليه- أحاط بما كتبه الأئمة وكتبه أتباعهم فهو أعلم منهم من هذه الحيثية.
وعلى كل حال المنظور إليه هو الإخلاص، والعلم المقرون بالعمل، العمل المقرون بالعمل؛ لأن العلم بمجرده أو بمفرده إذا تخلف عنه العمل لا يساوي شيئاً، بل هو وبال على صاحبه، والعلم الذي يتخلف عنه الشرط الأصلي وهو إخلاص العبادة لله تعالى -والعلم عبادة- لا قيمة له، بل هو وبال على صاحبه.
وعرفنا أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة، ومنهم العالم الذي يجاء به يوم القيامة فيقال له: ماذا صنعت؟ يقول: تعلمت العلم وعلمت فيك العلم، فيقال: كذبت إنما تعلمت وعلمت ليقال: عالم وقد قيل، فيسحب على وجهه في النار، نسأل الله العافية.