يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس" يعني في سفره إذا توقف في سفره ثم ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، قبل الزوال "أخر الظهر إلى وقت العصر" قبل الزوال، وحينئذٍ لا يصلي كل صلاة في وقتها للمشقة، هذا إذا ارتحل قبل الزوال، قبل أن تزيغ الشمس يعني تزول، الزوال والزواغ: هو ميل الشمس إلى جهة الغرب، وهو الدلوك {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء] قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر "ثم نزل فجمع بينهما" جمع تأخير، أخر الظهر إلى وقت العصر، يعني إلى دخول وقت العصر، وليس معناه إلى قرب وقت العصر، إنما ظاهر اللفظ أنه يؤخر الظهر إلى دخول وقت العصر، فيجمع بين الظهرين جمع تأخير، فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل ماذا يصنع؟ يجمع جمع تقديم وإلا يؤخر فيجمع جمع تأخير؟ هذه الرواية تقول: "فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب" صلى الظهر وحده، فهذا الحديث فيه دلالة على جواز جمع التأخير، وليس فيه ما يدل على جمع التقديم، والجمع بين الصلاتين في السفر علته السفر، التلبس بهذا الوصف المؤثر، وهو جائز عند جمهور العلماء، حديث الباب فيه دلالة صريحة على جواز جمع التأخير، ينازع أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- في جواز الجمع، ويستدل بأحاديث التوقيت على أنه لا يجوز أن تؤخر الظهر إلى وقت العصر إلى أن يدخل وقت العصر، ولا يجوز أن تقدم صلاة العصر فتصلى قبل دخول وقتها في وقت الظهر، استدلالاً بعموم أحاديث التوقيت، ويحمل ما جاء في هذا الحديث وما في معناه على الجمع الصوري الجمع الصوري يؤخر الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، ويقدم الصلاة الثانية إلى أول وقتها، فيصلي كل صلاة في وقتها، لكن الواقع أنه بتأخير الأولى وتقديم الثانية وإن وقعت كل واحدة منهما في وقتها كأنه جمع؛ لأنه لا فاصل بين الصلاتين، لا فاصل بين الصلاتين إلا الإقامة، مجرد ما يفرغ من الأولى ينتهي الوقت، ومجرد ما يشرع في الثانية أو يقيم للثانية يكون وقتها قد دخل، لكن إذا نظرنا إلى أن الجمع وعموم الرخص إنما شرعت للتيسير، التيسير على المكلفين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015