((لا يرى عليه أثر السفر)) إذا قلنا: هذا ضابط في هذه الأعصار أن الأثر هو الضابط طيب قد يسافر الإنسان ألوف الأميال ولا ينثني شماغه، ولا ينثني ثوبه، نقول: ما في رخص أجل؟ نقول: ما في رخص؟ لا يرى عليه أثر السفر أبداً، الشماغ كأنك مطلعه من الغسالة الآن، والثوب مثل، وقد يحصل للمقيم من الأثر أكثر مما يحصل للمسافر الآن، المسافر جالس على كرسي مريح وثير، ورجل على رجل، ويقرأ جريدة ونقول له: لا تترخص، أقول: إن ما يستدل به الجمهور قد لا يقوى على الدعوى، لكن الإطلاق الذي يميل إليه شيخ الإسلام ومن يقول بقوله لا يمكن ضبطه، ونقول: اتباعنا لفهم من سلف بما في ذلك الصحابة الذين هم سادة الأمة هم أولى بالتقليد من غيرهم، ولذا رجع الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- عما كان يفتي به من الإطلاق إلى التحديد، وهو قول الأكثر، قول الجمهور.
"وعنه -رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة" حتى رجعنا إلى المدينة، ومعلوم أن مدة السفر في الذهاب عشرة أيام، خرجوا من المدينة لخمس بقين من القعدة، ودخلوا مكة لخمس مضين من ذي الحجة عشرة أيام، ومكثوا اليوم الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر تسعة أيام، ثم عادوا إلى المدينة، وقل: إن الإياب مثل الذهاب عشرة أيام، فمنذ خرج من المدينة إلى أن رجع إليها وهو يصلي ركعتين، عشرة وعشرة وتسعة شهر كامل، وإن كان الاحتمال قائم في خروجهم هذا هل هو عام الفتح أو عام حجة الوداع؟ على كل حال المسألة محتملة، فهنا المدة شهر، تسعة وعشرين يوم، فهل نقول: إن هذه المدة هي الحد في الترخص أو أن للمسافر أن يترخص ولو زادت المدة على الشهر؟