ابن القيم يقول في الرواية الأولى: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقصر في السفر وتتم" يعني عائشة ويصوم وتفطر، ويصوم وتفطر، وبعضهم يربأ بأم المؤمنين -رضي الله عنها وأرضاها- أن تخالف النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي معه، وهذه الرواية يؤتى بها نعم لتتفق مع ما حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يتم البتة.
على كل حال بالنسبة للصيام ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صام في السفر، ثبت عنه أنه صام وأفطر، صام وأفطر، لما بلغ كراغ الغميم أفطر، ثبت عنه الصيام في السفر، لكن المسألة مسألة إتمام الصلاة هي التي معنا الآن.
بعد هذا حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله يحب)) " وفي هذا إثبات المحبة لله -جل وعلا-، وفي الشق الثاني إثبات الكراهية، وأن الله -جل وعلا- يكره، يحب ويكره على ما يليق بجلاله وعظمته من غير مشابهة للمخلوق، ((يحب أن تؤتى رخصه)) يعني إذا كان المخلوق يسره أن تقبل هبته وهديته فكيف بالخالق الكريم المتفضل؟! ((يحب أن تؤتى رخصه)) الرخصة عند أهل العلم: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، فعندنا القصر رخصة، الفطر في السفر رخصة، المسح ثلاثة أيام رخصة، أكل الميتة للمضطر رخصة، كل هذا ثبت على خلاف الأصل، خلاف الدليل الشرعي، الأصل الإتمام، الأصل مسح يوم وليلة؛ لأن الغالب حال الإقامة فتكون هي الأصل، الأصل هي الإقامة، والسفر أمر طارئ على خلاف الأصل، وهذه الرخصة جاءت على خلاف الأصل المقرر لمعارض راجح للأدلة الثابتة في حقها.