لما ذكرنا من مداومة النبي -عليه الصلاة والسلام- على ذلك، وأنهما داخلان في إطار الوجه ومحيطه، وقد جاء الأمر بهما "ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات" غسل يده اليمنى، "ثم اليسرى مثل ذلك" فقدم اليمنى على اليسرى، وأما في الآية فجاء الأمر بغسل اليدين مجملاً، وبُيّن في مثل هذا الحديث، وأن اليمنى تقدم على اليسرى، وتقديم اليمنى على اليسرى كتقديم شق الوجه الأيمن على الأيسر عند أكثر أهل العلم، تقديم الشق الأيمن على الأيسر في الغسل، وما أشبه ذلك، هما في حكم العضو الواحد، فلو قدم اليسرى على اليمنى الوضوء صحيح عند جمهور أهل العلم، وإن قال بعضهم بوجوبه "ثم اليسرى مثل ذلك، ثم مسح برأسه" ثم مسح برأسه، والباء هذه لإزالة اللبس الذي قد يفهم من مطلق المسح، ولو جاء النص بدونها مسح رأسه لاحتمل أن يكون المسح بدون ماء، فإذا أمرّ يده على رأسه صدق عليه أنه مسحه، والباء تقتضي ممسوحاً به، والباء تقتضي ممسوحاً به فمسح برأسه الماء "ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات, ثم اليسرى مثل ذلك" غسل رجله اليمنى يقال في ذلك ما قيل في اليد اليمنى، ثلاث مرات، ثم اليسرى مثل ذلك إلى الكعبين، والكعب: هو العظم الناشز الناتئ في جانبي القدم، عظمان، في كل قدم عظمان، خلافاً لمن يقول: إنه العظم الناتئ على ظهر القدم، هذا التفسير مردود من وجوه، ولو لم يكن في الباب إلا قوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: ((ويل للأعقاب من النار)) ((ويل للأعقاب من النار)) فإذا فسرنا الكعب بأنه العظم الناشز الناتئ على ظهر القدم عند معقل الشراك فإنه لا يلزم غسل العقبين، وقد جاء الوعيد على ذلك، إضافة إلى أن التثنية "غسل رجله اليمنى إلى الكعبين"، "غسل رجله اليمنى إلى الكعبين" الرجل الواحدة فيها كعبان، وهذا نص صحيح صريح يوضح المراد بالكعبين، والذي على ظهر القدم كعب واحد، "ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك، ثم قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ نحو وضوئي هذا"، متفق عليه".