قال رحمه الله تعالى: [فإن كلام الرجل يفسر بعضه بعضاً، وهذا الأصل وهو القول بوحدة الوجود قوله وقول ابن سبعين وصاحبه الششتري والتلمساني والصدر القونوي وسعيد الفرغاني وعبد الله البلياني وابن الفارض صاحب نظم السلوك وغير هؤلاء من أهل الإلحاد القائلين بالوحدة والحلول والاتحاد.
وأما مدلول هذا الشعر، فإن قوله: يا ليت شعري من المكلف؟ استفهام إنكار للمكلف.
ثم قال: إن قلت عبد فذاك ميت.
وفي موضع آخر قال: فذاك نفي.
وكلاهما باطل؛ فإن العبد موجود وثابت ليس بمعدوم منتف، ولكن الله هو الذي جعله موجوداً ثابتاً، وهذا هو دين المسلمين أن كل ما سوى الله مخلوق لله موجود بجعل الله له وجوداً، فليس لشيء من الأشياء وجود إلا بإيجاد الله له، وهو باعتبار نفسه لا يستحق إلا العدم موجوداً حياً ناطقاً فاعلاً مريداً قادراً، بل هذا كله لا يمنع ثبوت ذواتها وصفاتها وأفعالها].
يعني: أن كون المخلوق يوصف بمثل هذه الصفات من الوجود والحياة والنطق والفاعلية والإرادة هذا وإن كان هذا وصفاً لله عز وجل على وجه الكمال، فالله موجود حي متكلم فاعل مريد، لكن هذه الخصائص والصفات هي للخالق على ما يليق بكماله، وهي في المخلوق على ما يليق بنقصه، ولا يمنع أن تكون المخلوقات الموصوفة بهذه الصفات لها ذوات غير ذات الله عز وجل، وأنها موجودة بذواتها وصفاتها وأفعالها لوجود غير وجود الله، هذا معنى الكلام فيما يظهر وإن كان فيه سقط.