قال رحمه الله تعالى: [لكن تفرقوا على ثلاثة طرق، وأكثر من ينظر في كلامهم لا يفهم حقيقة أمرهم؛ لأنه أمر مبهم.
الأول: أن يقولوا: إن الذوات بأسرها كانت ثابتة في العدم ذاتها أبدية أزلية، حتى ذوات الحيوان، والنبات والمعادن، والحركات، والسكنات، وأن وجود الحق فاض على تلك الذوات، فوجودها وجود الحق، وذواتها ليست ذوات الحق، ويفرقون بين الوجود والثبوت، فما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك.
ويقولون: إن الله سبحانه لم يعط أحداً شيئاً، ولا أغنى أحداً، ولا أسعده، ولا أشقاه، وإنما وجوده فاض على الذوات، فلا تحمد إلا نفسك ولا تذم إلا نفسك.
ويقولون: إن هذا هو سر القدر، وأن الله تعالى إنما علم الأشياء من جهة رؤيته لها ثابتة في العدم خارجاً عن نفسه المقدسة.
ويقولون: إن الله تعالى لا يقدر أن يغير ذرة من العالم، وإنهم قد يعلمون الأشياء من حيث علمها الله سبحانه، فيكون علمهم وعلم الله تعالى من معدن واحد، وأنهم يكونون أفضل من خاتم الرسل من بعض الوجوه؛ لأنهم يأخذون من المعدن الذي أخذ منه الملك الذي يوحي به الرسل.
ويقولون: إنهم لم يعبدوا غير الله].
لو تجاوزنا هذا؛ لأنه تكرار، وهو مما يمرض القلوب؛ لكنا وقفنا عنده لنكشف حقائق القوم من خلال كلام المحققين، ومن خلال كلامهم أنفسهم؛ فالشيخ لم يفتر عليهم، بل اعتمد على أقوالهم في كتبهم؛ ولذا سننتقل الآن إلى مقطع جديد فيه مزيد فائدة.