ثم أشار إلى المعية في هذه الفقرة، قال: [ونعلم أن معيته مع عباده على أنواع وهم فيها درجات]، يعني: المعية دليل على التميز بين الخالق والمخلوق.
وهذا فيه رد ظاهر على أهل الحلول والاتحاد ووحدة الوجود، فإن المعية تدل على الاختلاف، لا يقال للشيء نفسه: إنه مع نفسه، لا يقال للشيء الواحد: إنه مع نفسه، إنما إذا قيل: الشيء الفلاني مع الشيء الفلاني فبينهما فرق ذاتي ومعنوي.
فإذاً: تحقيق المعية لله عز وجل وكونه مع عباده المعية العامة، ومع عباده الصالحين وعباده المؤمنين المعية الخاصة، أن هذه المعية تدل على المفارقة بين وجود الله عز وجل وبين وجود المخلوق، وأن لله عز وجل وجوداً يخصه وكمالاً لا يمكن أن يكون لأحد من خلقه، والخلق الذي له وجود يفتقر ويفنى وينتهي.
وهذه المعية معية محدودة، وتدل على الفرق بين الله عز وجل وبين خلقه، وهكذا بقية الأمور، وهذا مما قد لا يدرك إلا بمثل هذا الفقه الذي وفق الله إليه شيخ الإسلام رحمه الله.