قال رحمه الله تعالى: [فالنبي صلى الله عليه وسلم قد طلب من أمته أن يدعوا له، ولكن ليس ذلك من باب سؤالهم، بل أمره بذلك لهم كأمره لهم بسائر الطاعات].
يقصد الشيخ هنا من قوله: (فالنبي صلى الله عليه وسلم قد طلب من أمته أن يدعو له) أي: أن يصلوا ويسلموا عليه، فإذا قلنا: صلى الله عليه وسلم.
فهذا دعاء له، وطلب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك هو طلب من الأعلى إلى الأدنى، فالنبي صلى الله عليه وسلم أعلى من غيره، وهذا بتشريع من الله عز وجل، فهو الذي أمرنا، والنبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أعلمنا بما أمرنا الله به كما ورد في القرآن وأيضاً في صحيح السنة، من الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والوعد في ذلك.
وأما بالنسبة لحديث عمر السابق فهو حديث ضعيف لا يعول عليه في تأسيس القاعدة، لكن الآثار قد توافرت في جواز هذا الأمر من غير هذا الحديث.
قال رحمه الله تعالى: [بل أمره بذلك لهم كأمره لهم بسائر الطاعات التي يثابون عليها، مع أنه صلى الله عليه وسلم له مثل أجورهم في كل ما يعملونه، فإنه قد صح عنه أنه قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً)، وهو داعي الأمة إلى كل هدى، فله مثل أجورهم في كل ما اتبعوه فيه.
وكذلك إذا صلوا عليه، فإن الله يصلي على أحدهم عشراً، وله مثل أجورهم مع ما يستجيبه من دعائهم له، فذلك الدعاء قد أعطاهم الله أجرهم عليه، وصار ما حصل له به من النفع نعمة من الله عليه، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: (ما من رجل يدعو لأخيه بظهر الغيب بدعوة إلا وكل الله به ملكاً، كلما دعا لأخيه بدعوة قال الملك الموكل به: آمين، ولك مثل ذلك)، وفي حديث آخر: (أسرع الدعاء دعوة غائب لغائب)].