قال رحمه الله تعالى: [قالوا: الفرق بين المستغيث والداعي: أن المستغيث ينادي بالغوث، والداعي ينادي بالمدعو والمغيث.
وهذا فيه نظر، فإن من صيغة الاستغاثة: يا لله للمسلمين، وقد روي عن معروف الكرخي أنه كان يكثر أن يقول: وا غوثاه، ويقول: إني سمعت الله يقول: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال:9]، وفي الدعاء المأثور: (يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك).
والاستغاثة برحمته استغاثة به في الحقيقة، كما أن الاستعاذة بصفاته استعاذة به في الحقيقة، وكما أن القسم بصفاته قسم به في الحقيقة، ففي الحديث: (أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق)، وفيه (أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك).
ولهذا استدل الأئمة فيما استدلوا على أن كلام الله غير مخلوق بقوله: (أعوذ بكلمات الله التامة).
قالوا: والاستعاذة لا تصلح بالمخلوق].
يقصد الشيخ أن كلمات الله من كلامه الذي هو صفته، وعلى هذا فإن كلام الله غير مخلوق؛ لأن صفات الله غير مخلوقة جزماً، ولذلك ورد الاستعاذة بكلمات الله التامة، ولا يجوز الاستعاذة بالمخلوق، فلو كانت كلمات الله مخلوقة ما استعاذ بها النبي صلى الله عليه وسلم ولا جازت الاستعاذة بها، ولو كانت كلمات الله مخلوقة بما فيها القرآن أو شيء من كلمات الله مخلوق ما جاز الاستعاذة بها؛ لأنه لا يجوز الاستعاذة إلا بالله أو بصفاته، فدل ذلك دلالة قاطعة على أن كلمات الله هي صفته وليست مخلوقة.
قال رحمه الله تعالى: [وكذلك القسم، قد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، وفي لفظ: (من حلف بغير الله فقد أشرك) رواه الترمذي وصححه، ثم قد ثبت في الصحيح: الحلف بعزة الله، ولعمر الله ونحو ذلك مما اتفق المسلمون على أنه ليس من الحلف بغير الله الذي نهي عنه].