الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فقد تناولنا في الدرس الماضي في فتاوى شيخ الإسلام الموضوع الأول وهو متعلق بمصادر الدين، وكأن الشيخ رحمه الله راعى -كما ذكرت سابقاً- أن يبدأ بما يتعلق بمصادر الدين، يعني: ما أول ما ينبغي أن يقرر فيما يتعلق بأصول الدين؟ ثم بعد ذلك انتقل إلى الموضوع الثاني أو الرسالة الثانية في الجماعة والفرقة، وهو الموضوع الذي سنتناوله الآن، وقد كان الكثير من مصنفي العقائد والسنن من السلف رحمهم الله يبدءون عقائدهم غالباً بموضوع الاعتصام بالكتاب والسنة والنهي عن الفرقة، وهذا مدخل جيد في التأصيل؛ ليتبين للقارئ أن الجماعة مطلب عظيم من مطالب الدين، وأصل كبير من أصول الإسلام، وأن الاعتصام بالكتاب والسنة يعني الحفاظ على الجماعة وعدم الفرقة، وأنه لا يستقر للناس عقيدة ولا دين إلا بالجماعة، فمن فارق الجماعة في الاعتقاد فقد خرج عن السنة، ومن فارق الجماعة في العمل فقد شذ، والشذوذ هلكة، وصاحب الشذوذ إلى النار، نسأل الله العافية.
ومن هنا كان من المناسب بعد الكلام عن مصادر الدين أن يذكر الشيخ الرسالة المتعلقة بالجماعة والنهي عن الفرقة.