قال رحمه الله تعالى: [فنقول: اعلم أن محركات القلوب إلى الله عز وجل ثلاثة: المحبة والخوف والرجاء، وأقواها المحبة].
بعض أهل العلم من المتأخرين يسمون هذه الثلاثة بأركان العبادة، وليس في ذلك نص من آية أو حديث، وإنما قالوا ذلك بالاستقراء، كما استقرءوا أنواع التوحيد وبعض المسائل العلمية والعقدية من خلال قواعد الشرع ونصوصه، فكذلك بالاستقراء ثبت فعلاً أن العبادة تقوم على هذه الأركان الثلاثة، وغيرها يتبعها.
فالأول: المحبة، أي: محبة الله ومحبة ما يحبه الله.
والثاني: الرجاء، أي: أن يرجو الإنسان ربه، فيرجو ثوابه، ويرجو ما وعد الله به.
الثالث: الخوف، أي: خشية الله عز وجل وخشية عقابه.
وبقية الأعمال القلبية ترجع إلى هذه الأركان الثلاثة، ولذلك سماها بعض السلف بأركان العبادة.
قال رحمه الله تعالى: [وأقواها المحبة، وهي مقصودة تراد لذاتها؛ لأنها تراد في الدنيا والآخرة، بخلاف الخوف فإنه يزول في الآخرة، قال الله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:62]، والخوف المقصود: منه الزجر والمنع من الخروج عن الطريق، فالمحبة تلقي العبد في السير إلى محبوبه].
قوله: (تلقي)، هذه مجاراة من الشيخ رحمه الله لمصطلحات القوم، وهي لغة سليمة وجائزة.
قال رحمه الله تعالى: [وعلى قدر ضعفها وقوتها يكون سيره إليه، والخوف يمنعه أن يخرج عن طريق المحبوب، والرجاء يقوده، فهذا أصل عظيم يجب على كل عبد أن يتنبه له، فإنه لا تحصل له العبودية بدونه، وكل أحد يجب أن يكون عبداً لله لا لغيره].