بيان ما يمكن أن يقع فيه التعارض

وعقد المصنف هذا الباب لبيان ما يمكن منه وما لا يمكن، وللعمل عند حصوله، أو توهمه.

فينبغي أن يبين أولاً: أن التعارض لا يمكن أن يحصل في الأخبار كما أن النسخ لا يقع فيها، فالنسخ مختص بالإنشاء لا بالخبر، والخبر لا يدخله النسخ؛ لأن نسخه تكذيب له، والوحي لا كذب فيه، وكذلك التعارض لا يقع في الأخبار؛ لأن ذلك تكذيب، وإنما يمكن التعارض في الإنشاءات، ولا تعارض بين قطعيين قطعاً؛ لأن ذلك يقتضي أن أحدهما ناسخ للآخر، ولا بين قطعي وظني؛ لأن القطعي مقدم على الظني، فيبقى التعارض بين الظنيين فقط، فنطاقه إذن ضيق، وهو من الأمور المحتملة.

أي: المتشابه، فلذلك للأصوليين فيه طريقتان: إحداهما: البداءة بالترجيح بين النصين، وهذا مذهب الحنفية.

والثانية: البداءة بالجمع بينهما، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وقد قال مالك رحمه الله: إعمال الدليلين أحب إليّ من إلغائهما أو إلغاء أحدهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015