ثم قال المصنف: [والنص: ما لا يحتمل إلا معنى واحدًا] هذا ليس من المجمل ولا من المبين، بل هو من الألفاظ الأخرى المقاربة للمعنى.
من مصطلحات الأصوليين أيضاً: النص.
والنص لغة: يُطلق على الإسراع في السير، ومنه حديث: (إذا وجد فرجة نصَّ) أي: أسرع، ويُطلق على الرفع، ومنه: المنصة، وهي: المكان المرتفع الذي يرتفع عليه المتكلم، ومنه قول امرئ القيس: وجيد كجيد الريم ليس بفاحش إذا هي نصته ولا بمعطل أي: رفعته، ومنه قولهم: ونص الحديث إلى أهله فإن السلامة في نصه أي: في رفعه إلى قائله ونسبته إليه.
والنص في الاصطلاح: ما أفاد معنى لا يحتمل غيرَه، هذا في اصطلاح المتكلمين.
والمتكلمون يقسمون الكلام إلى: واضح الدلالة، وخفي الدلالة.
فواضح الدلالة، ينقسم إلى قسمين هما: النص والظاهر.
وخفي الدلالة، ينقسم إلى قسمين هما: المجمل والمتشابه.
- والحنفية يقسمون واضح الدلالة إلى أربعة أقسام هي: المفسَّر، والمبيَّن، والنص، والظاهر.
- ويقسمون خفي الدلالة إلى أربعة أقسام: الخفي، والمجمل، والمشكل، والمتشابه.
وكل هذا اصطلاحٌ.
قال المصنف: [وقيل: ما تأويله تنزيله] أي: على ما جاء عليه.
- فالتأويل بمعنى: بروزه إلى العيان، بعد أن كان خفياً، وقد قال ابن رواحة رضي الله عنه: خلوا بني الكفار عن سبيله نحن ضربناكم على تنزيله واليوم نضربكم على تأويله (نحن ضربناكم على تنزيله) وذلك عندما أنزل قول الله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ} [الفتح:27] .
(واليوم نضربكم على تأويله) وذلك عند تحققه بعمرة القضاء، فقوله: ما تأويله تنزيله، أي: أول ما نزل نزل واضحاً لاخفاء فيه، فهذا الذي يسمى بالمبين، وأما ما كان تأويله بعد تنزيله فهو المجمل.
قال: [وهو مشتق من منصة العروس] وليس كذلك، بل كلاهما مشتق من النص الذي هو الرفع، [من منصة العروس] أي: المكان الذي تجلى عليه العروس، أي: تظهر عليه، [وهو الكرسي] .