قال: [وألفاظه أربعة] .
ولم يعرفه اصطلاحاً، وقد عرفناه اصطلاحاً بأنه لفظ يتناول الصالح له من غير حصر دفعة.
[وألفاظه] أي: صيغ العموم [أربعة] وليس محصوراً فيما ذكر بل له صيغ أخرى.
[الاسم الواحد المعرف بالألف واللام] الاسم الواحد، أي: الاسم المفرد غير المثنى ولا المجموع، المحلى بأل الجنسية.
[واسم الجمع المعرف بأل] أي: الجمع المعرف بأل الجنسية أيضاً كالرجل والرجال.
[والأسماء المبهمة] أي: الموصولات، وأسماء الشرط، وأسماء الاستفهام، فهي الأسماء المبهمة، [كـ (من) فيمن يعقل و (ما) فيما لا يعقل، و (أََيُُّ) في الجميع، و (أين) في المكان، و (متى) في الزمان] فكلها من ألفاظ العموم.
قال: [و (ما) في الاستفهام والجزاء وغيره] أي: (ما) و (من) في الاستفهام، تقول من قام؟ وفي قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ} [طه:17] ، والجزاء، أي: الشرط {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة:197] ، فهذا يشمل الكثير والقليل فهو عام.
ثم قال: [ولا في النكرات] أي: النكرة في سياق النفي، فهي من ألفاظ العموم، سواء كان النفي بـ (لا) كما ذكر المؤلف، أو بغير (لا) كقولك: لا رجل في الدار، فهذا من ألفاظ العموم؛ لأنه نفي لوجود أيّ رجل في الدار.
قال: [والعموم من صفات النطق] أي: أن العموم من عوارض الألفاظ لا من عوارض المعاني ولا من عوارض الأجسام في الاصطلاح، وإلا فهو في الأصل من عوارض الأجسام: كعم الظرف مظروفه، وعم الحبل الحطب، ومن عوارض المعاني: كعممت الناس بالعطاء أو بالإحسان، وعممت زيداً وعمراً بالإحسان، ولكن المقصود به في الاصطلاح الأصولي: أنه من عوارض الألفاظ، فالألفاظ منها ما هو عام كما ذكر، وكغيره، مثل: (عامة، وكافة، وجميع) ، فكلها من ألفاظ العموم، وكالمضاف إلى الضمير، فإن النكرة إذا أضيفت للضمير تكون من ألفاظ العموم.
قال: [ولا تجوز دعوى العموم في غيره] أي: في غير صيغ العموم.
[من الفعل وما يجري مجراه] ، فالفعل سواء كان فعل أمر، مثل: (كلْ، اشرب) ، فهذا لا يدل على العموم، بل يمتثل بأكل أيَّ شيء، وشرب أيّ شيء، ولا يمكن أن يقصد به أكل كل شيء وشرب كل شيء، وما جرى مجراه مما يشبه الفعل من الأوصاف ونحوها ومن المطلق كله، فليس شيء من ذلك من قبيل العموم.
أما المفرد المحلى بأل، فمثل قول الله تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:2] أي: كل إنسان، فالإنسان هنا لفظ عام، والدليل على ذلك الاستثناء الذي بعده {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر:3] ، فالاستثناء معيار العموم، فلا يكون إلا من عموم.
والجمع المحلى بأل، كقول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] ، فهذا شامل لكل مؤمن، وكقوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور:59] فالأطفال هنا جمع محلى بأل؛ فيعم كل الأطفال.
كذلك قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:34] ، فالرجال والأطفال جمع تكسير محلى بأل والمؤمنون جمع مذكر سالم محلى بأل، والنساء اسم جمع محلى بأل.
كذلك اسم الجنس {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [البقرة:70] ، و {غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ} [الروم:2-3] ، فالبقر والروم كلاهما اسم جنس، فبقر مفردها بقرة، والروم مفردهم رومي.
وكذلك المحلى بأل العهدية إذا كان المعهود عاماً كان أيضاً من ألفاظ العموم، مثل: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} [البقرة:30] ، فالملائكة معهودون هنا، لكن أل وإن كانت عهدية لكنها دخلت على الجمع المعهود فيه الجنس، فكان ذلك من ألفاظ العموم.
أما إذا كان المعهود مفرداً، كما قال تعالى: (كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا} [المزمل:15] ، {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل:16] ، فهو واحد فلا يقصد به العموم هنا.
أما الأسماء المبهمة فمثالها: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء:123] ، فـ (من) هنا شرطية، وكذلك (أين) (فأين تذهبون؟) أي: في أي اتجاه تذهبون؟ فهي من ألفاظ العموم.
وكذلك (متى) (مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة:214] .
والنكرة في سياق النفي مثل: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة:197] ، وكل ذلك عام في كل ما يدخل تحته.
وكذلك النهي فهو مثل النفي، فالنكرة في سياق النهي عامة {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن:18] ، ومثل ذلك: الشرط {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} [التوبة:6] ، فكل ذلك من ألفاظ العموم، وقد ترك المصنف ترك لفظ (كل) ولفظ (جميع) ولفظ (عامة) و (المضاف لمعرفة) ونحو ذلك.
كذلك النكرة في سياق الامتنان وفي سياق الإثبات في صور قليلة مثل: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} [التكوير:14] ، و {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} [الانفطار:5] فالأصل أن النكرة في سياق الإثبات للإطلاق لا للعموم، ولكنها قد ترد للعموم نادراً كما ذكرنا.