قال: [والأمر: استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب] والأمر تعريفه: استدعاء الفعل، أي: طلب وقوع الفعل، بالقول: فإنما يعرف ذلك بالقول سواء كان صريحاً باللفظ أو كان بإشارة أو كتابة كل ذلك من الأمر، وذلك القول لا يكون لفظ اكفف أو اترك، فذلك من باب النهي لا من باب الأمر.
(ممن هو دونه) فشرط العلو للآمر، وهذا خلاف بين الأصوليين: هل يشترط بالآمر العلو أو يطلق الأمر على طلب وقوع الفعل مطلقاً؟ والمناطقة يقسمون طلب الفعل إلى ثلاثة أقسام: فإن كان الطالب أعلى من المطلوب منه الفعل سمي ذلك أمراً، وإن كان أدنى منه سمي ذلك دعاءًً، وإن كان مساوياً له سمي ذلك التماساً.
قوله: (على سبيل الوجوب) أي: على سبيل الجزم، وهذا القيد مستغنىً عنه ولا حاجة إليه هنا؛ لأنه يخرج الأمر الذي لا يقتضي الجزم، ويخرج أيضاً الأمر المطلق الذي لا ينظر فيه إلى قيد الجزم ولا إلى قيد عدم الجزم.
قال المصنف: [والصيغة الدالة عليه افعل] .
هذا إثبات أن للأمر صيغة، وأن صيغته هي لفظ (افعل) ، فصيغة فعل الأمر قد تكون من الثلاثي كافعل، أو من الرباعي كعلِّم وأكرم، أو من الخماسي مثل: انطلق تعلَّم، أو من السداسي كاستخرج واستنبط، فكل ذلك من صيغة افعل، فلا يقصد بها هذا الوزن، وإنما يقصد بها فعل الأمر مطلقاً، فهو صيغة الأمر الأصلية، ومثل ذلك الفعل المضارع المقترن بلام الأمر: لتقم ولتنطلق ولتتعلم، فهو صيغة للأمر أيضاً.